فى أحد أحياء مدينة الجيزة وفى إحدى البنايات الشاهقة وتحديداً فى الدور السابع ، تعالى صوت سيدة تنادى على إبنها فى الصباح الباكر، إستيقظ يا أدهم الوقت تأخر ولابد أن تذهب للجامعة ، قام أدهم متكاسلأ من النوم فى الصباح وتوجه إلى الحمام ليأخذ حماماً بارداً فى يوم ينبئ من بدايته بموجة حارة شديدة واتجه بعدها لغرفة أخيه الأصغر أكرم ليطمئن عليه فوجده غارقاً فى النوم وهو يعرف جيداً أنه يهوى السهر فقام بإيقاظه ليقوم بتوصيله للكلية معه فى الطريق ، إنتهى أدهم من ارتداء ملابسه وتوجه إلى حجرة الطعام لتناول طعام الإفطار فوجد والدته قد أعدت له إفطاره المحبب وقبلَ يديها وطلب منها أن تدعو له فى أول يوم له فى عامه الدراسى الأخير وسأل أكرم هل أنت جاهز للذهاب معى أجابه أكرم نعم يا أخى أنا انتهيت من إرتداء ملابسى ، دعت لهما والدتهما بالتوفيق والعودة فى أحسن حال وتذكرت أنها هى التى أصبحت مسئولة عنهما بعد وفاة أبيهم منذ أن كان أدهم فى السابعة من عمره وأكرم فى الثالثة من العمر وترك لها الأب الأسرة لتصبح هى الوالد والوالدة وكل شيئ ، وتنهدت الأم وهى ترى الأثنين يغادرا المنزل ودخلت لتكمل باقى أعمال المنزل . نزل أدهم وأخيه واستقلا سيارته الصغيرة وتوجها إلى الجامعة ونزل أكرم عند باب كلية الأداب فهو فى السنة الثانية وودع أخيه وأخبره أنه سيعود وحده مع أصدقائه ، ودعه أدهم وانطلق بسيارته فاليوم بداية السنة الأخيرة فى كليته العملية كلية الهندسة فهو تجاوز سنوات الدراسة الأولى فى تفوق فى قسم العمارة وصل أدهم إلى الجامعة ودخل إلى شئون الطلاب لمعرفة الجدول المخصص له فى هذا العام فقابله أحد الطلاب يبدو عليه أنه فى السنة الأولى له فى هذه الكلية فبادره بالسؤال عن كيفيه معرفة الجدول الخاص بالمحاضرات وبينما يلتفت أدهم ليرد عليه توقفت عينيه فجأة خلف هذا الطالب فهناك كانت فتاة جميلة تقف مع بعض الطالبات ذات شعر أسود جميل طويل ووجه صبوح خمرى البشرة تقف فى إعتزاز وشموخ وكأنها أحدى أميرات الإغريق القديمة أو أن فينوس آلهة الجمال قد تجسدت فى هيئة بشر وهبطت إلى الأرض لتقف أمام عينيه ولم ينتبه إلا حينما سمع صوت الطالب يكرر السؤال فأنتبه له وقال له هنا فى الدور الأول يكون مكتب شئون الطلاب وستجد هناك ما تريد ، شكره بشدة وتركه وانصرف والتفت ناحية الفتاة فلم يجدها أمامه وكأنها تبخرت خرج مسرعاً يبحث عنها ولكن بلا جدوى لم يراها هنا أو هناك وكان الوقت قد مر مسرعاً فتوجه لكافيتريا الجامعة لتناول بعض الطعام وشرب كوب من الشاى وأخذ يتذكر ملامحها فهى كانت شديدة الجمال وسرح طويلاً فى جمالها واستفاق على صوته وهو يتكلم بصوت عال لقد وجدت غايتى أخيراً نظر حوله فوجد بعض الناس تنظر له بدهشة فشعر بالخجل وأنهي طعامه سريعاً وتوجه إلى منزله بعد يوم مثير وهو ينظر حوله فى وجوه الناس لعلها تكون قريبة من مكانه ووصل للمنزل ودخل دون كلام إلى غرفته فاستبدل ثيابه ودخلت والدته عليه ولم ينتبه إليها إلا وهى تضع يدها على كتفه ، أدهم ماذا حدث ؟لماذا تبدو شارد الذهن ولم تسمعنى حينما دخلت للغرفة وأنا أنادى عليك هل حدث شيئ سيئ فى الجامعة ؟ أخذ نفساً طويلاً وقال لها : لم يحدث شيئ يا أمى لا تقلقى وتبدلت لهجته قائلاً : أنا أحب يا أمى !! تهللت أسارير والدته كثيراً فقالت له تكلم أخبرنى من تكون وكيف تعرفت بها ؟ فهى تعرف عنه عزوفه عن فكرة الحب أساساً لإنشغاله بحياته العملية والدراسية وعدم التفكير فى هذه الأمور وخصوصا لظروف الأسرة لأنه يجد نفسه هو المسئول عنها وعن أخيه أكرم ، تنهد تنهيدة طويلة وقال لها لقد رأيتها اليوم فى الجامعة يا أمى فتاة جميلة ولكنى لم أتعرف عليها بعد وأختفت من أمام عينى وكأنها لم تكن موجودة من الأساس فى المكان وأخبرها بكل ما حدث هناك ، إحتارت أمه وقالت له يبدو أنك من شده الإرهاق تخيلت يا ولدى الحبيب وجودها ، قال لها لا أظن يا أمى ولكن يبدو كلامك أقرب للصحيح فأنا بحثت عنها ولم أراها فى أى مكان ، سأنام قليلاً يا أمى فأنا منهك ومتعب كثيراً ، تركته أمه وخرجت وأغمض عينيه وتسللت صورتها إلى خياله وقال هل فعلا أنا أحلم وهل هذا كله خيال ؟ واستغرق فى النوم واستيقظ فى اليوم التالى وخرج مسرعاً للجامعة وحينما وصل أخذ يبحث عنها فى كل الوجوه ولكن يا للأسف لم يجدها وأيقن أنه حقاً رأي خيالاً وأستمر على هذا النحو لأيام وأسابيع كثيرة ولكن بلا جدوى من البحث عنها وانشغل بعدها فى الدراسة ولم يفكر سوى فى السنة الأخيرة من دراسته ولكن بين الحين والحين تمر صورتها أمام عينه فيتذكرها ويسرح فيها ، فهى حقا قد شغله جمالها وقال لنفسه هل إن رأيتها ستتكلم معها وتطلب منها أن تكون معك وأن نرتبط سوياً كلها أفكار كانت تمر بين الوقت والآخر فى فكره وترك الأمر فى النهاية حتى يأس وأيقن أن هذه الفتاة لم تكن سوى محض خيال لا أكثر . وفى نهاية العام أعلنت الجامعة عن رحلة لمدينة الغردقة وكان لا يذهب لهذه الرحلات لما بها من صخب شديد وأنه ذو طبع هادئ لا يميل كثيراً لمثل هذه الأشياء ولكن بعض أصدقائه بكثير من الإلحاح طلبوا منه الذهاب معهم وتحدث مع والدته فقالت ستكون رحلة جميلة ستريح فيها أعصابك بعد مجهود السنة الشاق يا ولدى الحبيب ووافق أدهم وتوجه للجامعة ودفع اشتراك الرحلة وبعد الإنتهاء من أمتحانات نهاية العام كان يوم الرحلة توجه لباب الجامعة وهناك وجد الأتوبيس المتوجه إلى مدينة الغردقة كان دائما يسمع أنها مدينة جميلة بها الكثير من الأماكن الجميلة وأن البحر بها له طابعه الخاص بما فيها من جمال طبيعى وهولم تسنح له الظروف والوقت للذهاب هناك من قبل ،وفى المكان المتفق عليه أمام باب الجامعة ركب أدهم الأتوبيس المنطلق لمدينة الغردقة وكان مكانه المخصص فى بداية الأتوبيس وكان المقعد المجاور له شاغراً وضع فى أذنيه سماعات الهاتف ووضع نظارته الشمسية وأخذ يستمع للموسيقا وأغمض عينيه وسرح طويلاً فى هذه الرحلة هل ستكون رحلة جميلة يخرج فيها عناء العام الدراسى كله أم ستكون أيام مملة صاخبة كما يتخيل عن مثل هذه الرحلات وبينما هو مستغرق فى التفكير والإستماع للموسيقى شعر بشخص يجلس جواره لم يفتح عينيه ولم ينظر حتى تجاه المقعد وظل على هذا الوضع حتى شعر بالنعاس واستغرق فى النوم واستيقظ على يد تلامس كتفه ففتح عينيه بتكاسل وكانت المفاجأة التى لم يتوقعها أبداً , إنها هى نفس الفتاة التى رأها فى الجامعة خلع النظارة وفرك عينيه بيده حتى يتأكد أنه لا يحلم أو يتخيل وهو مندهش كثيراً وسمع صوتها فى رقة وعذوبة تقول لقد وصلنا إلى الإستراحة هل أحضر لك شيئ من هناك ؟ لم ينطق وهولا يزال ينظر إليها وكأنه يحلم حقاً فشعرت هى ببعض الخجل وقالت إن لم تكن تريد شيئا أنا سأذهب لأحضر زجاجة مياه ، كل هذا والأفكار تراود عقله فى سرعة ، وإذا بعقله يقول دون أن تنطق شفتيه : نعم هو حب من أول نظرة لقد أحببتها حقاً من أول يوم رأيتها فيه وأنا لا أرى سواها أمامى نظر إليها أدهم وتكلم أخيراً وقال لها : أنا سأحضرلك المياه وأحضر كوباً من الشاى ردت بصوت منخفض رقيق : أشكرك ، فنزل أدهم مسرعاً من الأتوبيس وهو مبهورلا يصدق وقلبه ينبض فى شدة هامساً : يا للقدر!! ويا للمصادفة الغريبة لم أكن أنوى الذهاب وكأنى على موعد مع القدر هنا لكى أراها أحضر زجاجة المياه وكوب الشاى وصعد للأتوبيس مرة أخرى ووجدها قد جلست فى مقعده فأرادت الوقوف من مكانها فطلب منها أن تظل كما هى وأعطاها الماء فقالت له فى رقة وخجل : أشكرك ومعذرة فأنا أردت أن أشاهد الطريق من النافذة ، قال لها كما تريدين لا عليك تفضلى ، وجلس جوارها وتحرك الأتوبيس بهما وبعد دقائق قليلة استجمع شجاعته وكان قلبه يخفق بشدة ويريد أن يخرج من صدره فيخبرها أنه يعشقها من أول لحظة رأتها عينيه بالجامعة وأنه أصبح أسيراً لها ولجمالها وبشدة وتكلم بهدوء : أدهم .. قالت بإستغراب نعم!! قال أنا إسمى أدهم رامز فى السنة الأخيرة فى كلية الهندسة بقسم العمارة ابتسمت وقالت أهلا بك تشرفت بمعرفتك وصمتت وهى تنظر ناحية النافذة ، أنتظر لحظات لكى تخبره أسمها ولكنها لم تتكلم فقال لها محاولاً إلتقاط أطراف الحديت معها ، هل أنت فى السنة الأولى فى الكلية؟ نظرت له وقالت : أنا روميساء فريد بالسنة الأولى فى الكلية بالفعل ، قال لها أسم جميل كصاحبته تماماً ولكنى لم أراك من قبل فى الجامعة ، أقول لك صدقاً أنا شاهدتك مرة واحدة فى بداية العام ولم أراك من بعدها مجدداً حتى ظننت نفسى قد جُننت أو أنى رأيت خيالاً فماذا حدث ؟ تغيرت ملامحها قليلاً واكتسى وجهها بالحزن وأجابت أنا كنت مع والدى فى مدينة أسوان لأنه يعانى من مرض خطير بالقلب وذهبنا إلى معهد القلب الخاص بالدكتور / مجدى يعقوب وكنت متواجدة معه باستمرار لأنى ابنته الوحيدة ووالدتى توفاها الله منذ كنت فى العاشرة من عمرى ومن وقتها أنا لوالدى كل شيئ وهوأيضاً صار لى كل شيئ ، تنهدت تنهيدة طويلة وقالت الحمد لله على كل الأحوال لهذا أنا لا أتواجد بشكل كبير فى الجامعة إلا فى أوقات الإمتحانات وبعض أيام المحاضرات الهامة وعدت منذ ايأم قليلة لحضور إمتحانات نهاية العام وبدأت بعض صديقاتى فى محاولة إستمالتى للذهاب لهذه الرحلة وبعد إلحاج شديد منهم وبعد طلب والدى بالذهاب للتخفيف عن نفسى قليلاً وافقت ، قال لها أنا أيضاً حضرت لهذه الرحلة بعد الضغط من أصدقائى وإلحاح والدتى للذهاب يبدو أننا نتشابه فى بعض الأمور ، ابتسمت وقالت لقد وصلنا للفندق لم ينتبه فعلاً أن الوقت قد مر سريعاً وأنهما قد وصلا لمكان الإقامة قال لها قبل أن ينزل أنا أريد أن أراك مجدداً عندى الكثير من الكلام لكى أقوله لك إن أحببت سيكون جميلاً بالنسبة لى أومأت برأسها بالموافقة قال لها أنا أحب جداً الجلوس أمام البحر فى وقت الشروق سأكون هناك على البحر فى صباح الغد أتمنى ان أراك ، فى رعاية الله روميساء ودعته وسلمت عليه وتوجهت حيث غرقتها وصعد أدهم هو أيضا إلى غرفته بعد أن أخذ حقيبة ملابسه وكانت الغرفة تتسع لثلاثة أفراد كان مع بعض أصدقائه فأفرغ حقيبته فى المكان المخصص لها وقام بتغيير ثيابه وخرج للشرفة التى تطل على حمام السباحة بالفندق منظرالطبيعة جميل جداً ووجد نفسه ينزل مسرعاً إلى حمام السباحة وجلس هناك على أحد المقاعد الوثيرة التى تواجه الماء وأخرج سماعات هاتفه ووضعها فى أذنيه ليستمع لبعض الموسيقا الهادئة الحالمة على منظر الطبيعة الجميل وأغمض عينيه فوجد النهار قد أسدل ستائره فجأة والوقت قد مر سريعاً ، دخل للفندق وتناول طعام الغداء على أمل وحيد وحلم جميل أن يلتقى روميساء فى الصباح الباكر وصعد لغرفته بعدها واستلقي على السرير وأغمض عينيه وراح فى نوم عميق . استيقظ على دقات المنبه الخاص به فى الرابعة من صباح اليوم و أخذ حماماً بارداً وارتدى ثيابه ونزل إلى شاطئ البحر المجاور للفندق وجلس فى إنتظار شروق الشمس ولكنه ينتظر الأهم عنده ألا وهو ظهور روميساء ، مرت الدقائق فى سرعة وبدأت أول خيوط الشمس تظهر فى الأفق وفجأة رأها أمام عينيه كانت ترتدى فستاناً أبيض اللون وشعرها الطويل ينسدل على كتفيها فى جمال مبهر وابتسامة رقيقة تزين شفتيها وقف أدهم ليسلم عليها وهو ينظر إليها فى شغف وحنان وغرام كبير قال لها أنت جميلة بحق وأنا أعشقك منذ أن رأيتك روميساء هذه هى الكلمات التى عجزت أمس فى البوح بها لك فأنت فى خيالى منذ أول يوم شاهدتك فيه ، تورد وجهها بحمرة خجل وفى لمح البصر ظهر أول شعاع للشمس وانعكس على وجهها فرأى أجمل عينين صافية ولونها العسلى يضفى عليها جمالأ أكثر قال لها أنا بالفعل أحبك إلتفتت نحوه وقالت أرجوك يا أدهم لا أريد الكلام فى هذا الموضوع فأنا لا أفكر فى هذه الأمور مطلقاً ولا أحب التحدث فيها لأننى أعانى من قصة أصابتنى بالألم الكثير فى الماضى القريب ولا أريد أن أعود مجدداً لهذا الألم نظر ملياً إلى وجهها ورأي دمعة تريد أن تفر من عينيها فأقترب منها ومسح بأصابعه خدها وقال لها لتفكرى فى الأمر لن أنتظر منك جواباً الآن سأنتظرك فى هذا المكان فى الغد لكى أعرف منك الرد روميساء ، تراجعت للخلف بعد أن لامست أصابعه خدها وقالت لا تنتظر منى رداً يا أدهم لأنى لا أريد أن يتعب قلبى مرة أخرى لتبقى هذه العلاقة صداقة قوية بيننا إن كنت تريد وإن لم تكن تريد هذا فانا أعتذر منك بعد إذنك ، وتركته وهو لا يصدق عينيه ولا أذنيه فهو تخيل أنه قد وجد ما يريد بعد وقت طويل من فرض الحصارعلى مشاعره وعدم التفكير فى أى شيئ والإنشغال بدراسته ، أخذ يفكر قليلاً وكانت الشمس قد ملئت السماء فرجع للفندق ودخل لتناول طعام الإفطار وبعدها صعد لغرفته وأحضر كتاب ليقرأه لكى يمر الوقت وطلب منه زملاء الغرفة النزول لحمام السباحة ولكنه اعتذر لهم بأنه مشغول قليلاً ولم يحصل على قدر من الراحة لفعل أى شيئ فالقلب والعقل يفكر فى الغد والرد على طلبه من روميساء الذى قد يغير كثيراً فى مجرى حياته وأخذ يقرأ ويقرأ إلى أن غلبه النعاس ولم يشعر بشيئ إلا بزملائه فى الغرفة فى المساء يطلبون منه النزول لتناول طعام العشاء إرتدي ثيابه ونزل لتناول الطعام ولكن شهيته لم تكن على ما يرام فتناول بعض الفاكهة وطلب فنجان من القهوة لشعوره ببعض الصداع من التفكير الكثير وخرج ليتنفس هواءً نقياً وكل عقله لا يشغله إلا رد روميساء فى صباح اليوم التالى بعد ساعات قليلة من الآن وصعد لغرفته فوجد زملائه يستعدون للخروج للسهر بالخارج وطالبوه بالنزول معهم إلا أنه لم يحاول حتى الكلام معهم فقط أشار لهم بعدم القدرة على النزول فأحترموا رغبته ونزلوا جميعا وأصبح وحده مع أفكاره الكثيرة ، ساعات قليلة تفصله عن أهم قرار ينتظره منذ وقت طويل وأغلق عينيه فغلبه النوم ولم يوقظه إلا صوت زملائه فى الساعات الاولى من النهار فاستيقظ وأخذ حمامه المعتاد وإرتدى ثيابه ونزل فى نفس المكان ونفس التوقيت ينتظر روميساء والقلب يخفق فى شدة وإضطراب وظهر أول شعاع للشمس ونظر لساعته كانت قد قاربت على الخامسة والنصف صباحاً ولم تظهر بعد ، انتظر وانتظر وطال وقت الإنتظار وبدأت الشمس فى الظهور لتملأ السماء بنورها الساطع وأيقن أنها اتخذت قرارهاالأخير وأنها رفضت طلبه وأنه سيعود لما مضى من عمره دون حبيب وسيدفن نفسه فى دراسته وكتبه لتنتهى القصة الجميلة الحالمة قبل أن تبدأ ..
صار أدهم متجهاً للفندق وهناك إلتقى إحدى صديقات روميساء فسألها عن روميساء هل نزلت اليوم من غرفتها فأجابته أن روميساء غادرت الفندق وعادت بالأمس إلى القاهرة لأن والدها متعب جداً ولم تنتظر وسافرت إليه مسرعة دون تأجيل شكرها أدهم ولم يعرف ماذا هو فاعل فى هذا الموقف ؟ ولكنه بسرعة شديدة إتخذ القرار وعزم على الرجوع أيضاُ وصعد لغرفته وحزم حقيبته وركب أول سيارة تتجه للقاهرة وطوال الطريق لا يشغله سوى ماذا سيفعل حينما يذهب إليها بعد أن أخذ العنوان من صديقتها هل سيكون الوقت مناسب للتحدث مجدداً فى أمرهما أم لن يجد الوقت المناسب للتحدث فيه ووصل للقاهرة وذهب للمنزل فأخبر والدته بكل شيئ وقال لها أنه سيذهب إليها ليطمئن سريعاً على والدها ويفاتحها مرة أخرى فى أمر الزواج منها وودع أمه مسرعاً وقلبه يخفق بشدة فهو على بُعد خطوات قليلة من تحقيق الحلم الجميل الذى لطالما إنتظره ، وركب سيارته ووصل لمنزلها فى أحد الأحياء الراقية من ضاحية المعادى وهناك أمام بيتها وجد سيارة إسعاف تقف أمام البيت وظهرت روميساء وهى تبكى وهناك شخص ممدد على محفة يحملها رجال الإسعاف ويدخلونه لسيارة الإسعاف وهى أمام عينه وفجأة وجد نفسه يسرع الخطى لها وتوقف أمامها فنظرت له بدهشة ممزوجة بمشاعر مختلطة وفجأة ارتمت بين ذراعيه وهى تقول أدهم والدى متعب جداً يا أدهم لم يعد لى فى هذه الدنيا سواك أنت ، أنخلع قلبه وزاد النبض فيه من المفاجأة فيا للأقدار تعطينا بعد أن نظن أننا فقدنا كل شيئ أخذها بين ذراعيه وقال لها لن أتركك أبداً فأنا هنا اليوم لأضع حجر الأساس فى قصة حبنا وهمسات العشق التى أنتظرتها طويلا ووجدتها عندك أنت هيا بنا الآن وأسرع أدهم ورميساء خلف سيارة الأسعاف التى تحمل والدها وبمجرد الوصول إتجها إلى الطوارئ وبعد الكشف الأولى قرر الطبيب حجز الوالد فى غرفة الرعاية المركزة لتدهور حالة القلب بصورة شديدة ولابد لهم من متابعة الحالة بدقة شديدة ، انخرطت روميساء فى بكاء شديد وطلب منها الطبيب الهدوء لراحة والدها وأنه لابد عدم إزعاجه ومن الأفضل الإنصراف لإن وجودهم لن يفيده شيئا كانت لاتزال تبكى فأخذها أدهم بين ذراعيه محاولاً التخفيف عنها ومهدئاً لها إهدأى روميساء ،قالت وسط دموعها إن أبى هو كل حياتى وعمرى وهو كل شيئ لى فى هذه الحياة ولا أعرف كيف سأعيش من دونه يا أدهم ، رد عليها أنا جوارك لن أتركك أبداً وسأكون جوارك منذ هذه اللحظة نظرت فى حب إليه وقالت أنت هدية من السماء لى ربى يبارك فيك دائما أدهم , أبتسم أدهم قائلاً لها كنت أنتظر منك الرد على طلبى منذ أيام والآن رأيت الجواب فى عينيك سأطلب يدك من والدك بعد أن نطمئن عليه ويخرج من المستشفى وأنا من الآن مسئول عنك مسئولية كاملة ولن أتردد لحظة حبيبتى أن أعطيك عمرى . هيا بنا لتوصيلك للمنزل وسأحضر فى الصباح لكى نذهب معاً لزيارة والدك ، استجابت لكلمات أدهم ونزلا سوياً وركبا سيارة أدهم وفى الطريق تحدث معها أنها هى الفتاة التى كان يحلم بها وأنه على استعداد تام لتلبية كل طلباتها ولن يبخل عليها فى شيئ مهما كان ، قالت له أدهم الأمر ليس سهلاً كما تظن يوجد أشياء كثيرة لازلت لا تعرفها عنى ، رد أدهم أنا أستمع إليك الآن تحدثى أمالت رأسها على الكرسى وتوقف أدهم قريباً من شاطئ النيل قالت روميساء أنا أعانى من مرض نادر فى الكبد يا أدهم هذا المرض توارثته عن والدتى رحمة الله عليها ولا أدرى متى أو كيف حدث هذا ولكنى أسافر للخارج للعلاج كل سنة يتم عمل كشف طبى شامل لى وأعود بعدها ، كان أدهم يستمع لها وهو لا يصدق ما تقول أكملت روميساء وقالت أنا أعانى منذ أن كنت فى الرابعة عشر من عمرى من هذا المرض الخطير وفى المرة الأخيرة منذ شهرين تقريبا قبل نهاية العام قالت التقارير أن هذا المرض يبطئ من عمل الكبد ويقلل من مناعة الجسم بوجه عام وأنى سأظل على قيد الحياة لمدة صغيرة لن تتجاوز بضع سنوات ولم يتبقى لى من هذه المدة سوى عام ونصف العام ولهذا أنا لا أريد أن أعيش سعادة مؤقتة يا أدهم .. ولهذا لم أجيب على طلبك حينما كنا سوياً فى الغردقة وكنت سأخبرك بهذا فى حينه لولا أنى رجعت لمرض أبى ، قال لها أدهم فى رفق وحنان حبيبتى أنا أوافق على أن أكمل معك الباقى من العمر وسأظل قربك دائما ولن أتخلى عنك وسأرتضى بأى شيئ لأنى لم أجد مثلك فالقلب يهمس لك أنت والعقل يهمس لك وحدك وسأظل أهواك وأحبك روميساء ، نظرت إليه وقالت يا أدهم لن يوافق أهلك على هذا أبداً ولن يرتضوا أن تكون زوجتك بها هذا المرض الخطير ويتم الموافقة على الزواج بى ، رد أدهم أنا صاحب القرار وأنا وحدى من سيتزوج وهذا هو قرارى الأخير اتفقنا ، ابتسمت واقتربت من أدهم وأحتضنت ذراعه وقالت بهمس أحبك وسأظل أحبك لنهاية عمرى، وأتمنى أن أسعدك المتبقى من عمرى يا أدهم ، ربت أدهم على يديها وقال لها هيا بنا الوقت تأخر لابد أن تعودى للبيت وسنكمل هذا فى الغد إن شاء الله وتحركا بالسيارة ونزلت عند بيتها روميساء وودعها أدهم على أمل باللقاء فى الصباح للذهاب لوالدها بالمستشفى .
عاد أدهم للمنزل منهكاً ودخل لغرفته بعد أن سلم على والدته وأخيه الصغير واستلقى على سريره ونام بملابسه من شدة التعب ، واستيقظ على صوت والدته وهى تنادى عليه يا أدهم رد فى صوت مرهق جداً نعم يا أمى ، الساعة أصبحت التاسعة يا إبنى وأنت غير معتاد على هذا ، إنتبه فجأة ونظر فى ساعته للوقت وهو من المفترض أن يمرعلى روميساء فى العاشرة للذهاب للمستشفى قام أدهم مسرعاً وأخذ حماماً بارداً وإرتدى ملابسه ونزل مسرعاً لمنزل روميساء ، وعندما وصل إليها كانت المفاجأة لم يكن هناك أى شخص فى المنزل حاول الإتصال بها على هاتفها المحمول ولكنها لا تجيب ، نزل أدهم مسرعاً إلى حارس العقار وسأله عنها فقال إنها نزلت مبكراً فى عجلة وطلبت منه إحضار تاكسى للذهاب للمستشفى لم ينتظر لسماع المزيد وأسرع إلى المستشفى وحينما وصل للمكان الذى يرقد فيه بقسم الرعاية المركزة والد روميساء وجدها تبكى فى شدة فأسرع إليها قائلاً ماذا حدث أخبرينى ؟ ردت الممرضة التى كانت تستند إليها روميساء البقاء لله يا أستاذ ، وقع الخبر كالصاعقة على أدهم وأخذها بين ذراعيه لتهدئتها ولكنها فقدت الوعى من شدة البكاء فحملها أدهم لأقرب غرفة وقام الطبيب بإفاقتها فتعالت صرخاتها وبكائها وأخذت تقول لأدهم مات أبى ، مات من كنت أعيش لأجله لا أريد أن أعيش بعد اليوم لا أريد ، مسك أدهم يديها وقام بتهدئتها وقال لها إنها قدرة الله وإرادته يا روميساء ولا يوجد بأيدينا أى شيء ،هدأت من تأثير المهدئ ونامت قليلاً وخرج أدهم للخارج فوجد هناك عمها تحدث إليه وقام معه بعد أن عرفه بنفسه بمراجعة ترتيبات وإجراءات مراسم الدفن واستخراج الجثمان من المستشفى وقام أدهم مع عمها بكل اللازم واستعادت روميساء وعيها وخرجا سوياً خلف سيارة الجثمان حيث مقابر أسرتها لدفن الجثمان بعد أداء الصلاة عليه وبعد أن أنتهت كافة الإجراءات وانتهى اليوم ذهب أدهم لمقابلة عمها لعمل سرادق عزاء لوالد روميساء ووقف مع أقاربها حتى نهاية اليوم وطلع إليها فى نهاية اليوم ليقوم بتعزيتها وإخبارها بأنه سيعود لها بعد يومين حتى تهدأ قليلاً وتقوم بأخذ العزاء فى والدها فى هذه الفترة وإذا أحتاجت لأى شيء هو متواجد فقط تتصل به وسيكون هنا على الفور ودعها ومضى عائداً إلى منزله وهو فى قمة التعب والإرهاق ودخل للمنزل قابلته والدته بإستغراب شديد عن حالته المزرية قال لها أدهم لقد توفى والد روميساء يا أمى اليوم وطوال اليوم وأنا معها وأنا متعب جداً وأحتاج للراحة الشديدة ولا توقظينى فى الصباح فأنا لن أخرج فى الغد أشارت والدته برأسها بالموافقة وهى تنظر إليه فى إشفاق وحنان ، ودخل أدهم إلى غرفته وهو يفكر بشدة هل آن الأوان للزواج بها وهل ستوافق فى ظل هذه الظروف الشديدة الحزن أن تكون معه ؟ تساؤلات عديدة ظلت تطارد عقله وسقط أدهم فى نوم عميق ولم يعرف كم من الوقت ظل نائماً ولكن نظر فى الساعة جواره وجدها السابعة مساء قام وخرج من الغرفة ليجد والدته وأخيه بالخارج يشاهدان التلفاز قال لأمه أريد أن أتناول بعض الطعام يا أمى ردت عليه سأجهز لك الطعام حتى تنتهى من أخذ حمامك يا أدهم، أومأ برأسه ودخل للحمام وأخذ حماماً دافئاً وخرج للخارج كانت والدته قد أعدت الطعام ولم يكن أخيه قد تناول الطعام أيضاُ وجلسا سوياً لتناول العشاء وهو يفكر فى روميساء كيف حالها الآن وهل يتصل بها أم يتركها كما قال لها ليومين ، إنتهى أدهم من طعامه ودخل لغرفته بعد أن أعدت له أمه كوباً من الشاى وأخذ كتاباً من مكتبته ليقرأ قليلاً ولكن صورة روميساء أمام عينيه ولا يستطيع أن يفعل أى شيء وفجأة رن الهاتف بجواره فقام مسرعاً ليرد فوجدها روميساء رد سريعاً : حبيبتى كيف حالك كنت أفكر فيك الآن وكنت أتمنى سماع صوتك وكأن ربى أستجاب لأمنيتى ، لم تجب روميساء على أدهم فقال ماذا حدث ما بك أخبرينى هل تشعرين بالتعب ؟ ردت لا يا أدهم أنا بخير ولكن قاطعها أدهم لكن !! ماذا حدث تكلمى قالت أنا إتخذت قرارى يا أدهم سأسافر غداّ مع عمى للخارج ولن أبقى فى مصر مرة أخرى فلم يعد لى هنا شيء وسأكمل دراستى بالخارج و لن أبقى وحدى فى هذا البلد وأيضا هناك فحوصات طبية لابد من إجرائها لأنى أشعر بالتعب الشديد ، سامحنى أدهم لن أستطيع إكمال حياتى معك سامحنى مرة أخرى لم يعد عندى ما أعطيه لك تذكرنى دائما بالخير مع السلامة وأغلقت الخط ، تجمد أدهم فى مكانه لدقائق ولم يدرك لدقائق ماالذى سمعه الآن؟ وكيف حدث هذا ولكنه تذكر فجأة رقم هاتف عمها فقام بالإتصال به ليسأله عن موعد السفر إتصل به أدهم وانتظر قليلاً إلى أن أجاب عليه عم روميساء فسأله عن ميعاد سفره هو ورميساء فتعجب من كلامه وقال إنه لن يسافر بعد ولم يحدد حتى موعد السفر إندهش أدهم ، فأخبره بما دار بينه وبين روميساء فقال له عمها إنها تحبه وبشدة ولكنها لا تريد له أن يعيش معها لبضع شهور وبعدها يظل وحيداً ، قال له أدهم ولكنى أوافق على هذا أريد أن أتزوج منها ياعمى قال له أنا موافق شرط أن توافق هى يا أدهم قال له إذن سأتيك بالموافقة منها وبعدها سأعلن خبر الزواج ونتم المراسم بعد شهر من اليوم اتفقنا قال عمها أوافق لتخرج من هذه الحالة السيئة التى أراها عليها دائما منذ وفاة أخى ، شكره أدهم بشدة ووعده أن يأتى قريبا مع روميساء إليه لتقول له أنها وافقت على الزواج منه .
مرت الساعات بطيئة حتى بزغ فجر اليوم الجديد وقام أدهم وإرتدى ثيابه وتناول طعام الإفطار وقال لوالدته أنا سأذهب إلي روميساء لطلب يدها دعت له والدته بالتوفيق وخرج مسرعاً ليصل إلي منزلها وحينما وصل دق جرس الباب وانتظر لتفتح الباب ووجدها أمامه وتفأجئت به فقال لها أدهم صباح الخير روميساء سأنتظرك فى السيارة أريد الكلام معك قليلاً وتركها ونزل لسيارته ومضت ساعة ورأها وهى تنزل من المنزل ، ركبت جواره وانطلق بالسيارة دون كلام حتى سألته إلى أين نحن ذاهبون يا أدهم أخبرنى ؟ قال إلى عمك يا روميساء فأنا طلبت يدك منه وهو يشترط موافقتك ولن أنتظر يوماً واحدأ سواك حبيبتى ،لم تستطع الكلام أو محاولة الرفض فهى كانت قد وصل التعب منها مبلغه وقالت أوافق يا أدهم وليكن ما يكون فأنا لم أعد استطيع العيش بدونك بعد اليوم فأنت وحدك من أهواه وأريد دائما أن أهمس لك فى ليالى الشتاء والليالى المقمرة همسات عشق تزيد من حبنا سوياً يا أدهم توقف أدهم بالسيارة أمام منزل عمها وقال لها ستظل همساتك فى قلبى يا روميساء ولن يكون سوانا بمثل عشقنا هذا أحبك كثيراً ووصل معها لعمها وقال أدهم إنى أطلب منك يد روميساء وهى توافق يا عمى ، نظر عمها إليها فوجدها تحتضن ذراع أدهم فأبتسم قائلاً : ألف مبروك يا أولادى وأتمنى لكم السعادة الدائمة شكره أدهم وقال له أن ترتيباته للفرح ستكون خلال هذا الإسبوع وإن موعد الزفاف فى نهاية الإسبوع فوافق عمها ووافقت هى أيضاُ ومرت الأيام سريعة وفى ليلة الزفاف همس أدهم فى أذنيها الآن حققت ما أحلم به يا حبيبتى وستظل همسات عشقنا هى الدليل والطريق الذى سأكمل به الحياة معك يا روميساء يا حب العمر الأول والأخير .
***النهاية***
صار أدهم متجهاً للفندق وهناك إلتقى إحدى صديقات روميساء فسألها عن روميساء هل نزلت اليوم من غرفتها فأجابته أن روميساء غادرت الفندق وعادت بالأمس إلى القاهرة لأن والدها متعب جداً ولم تنتظر وسافرت إليه مسرعة دون تأجيل شكرها أدهم ولم يعرف ماذا هو فاعل فى هذا الموقف ؟ ولكنه بسرعة شديدة إتخذ القرار وعزم على الرجوع أيضاُ وصعد لغرفته وحزم حقيبته وركب أول سيارة تتجه للقاهرة وطوال الطريق لا يشغله سوى ماذا سيفعل حينما يذهب إليها بعد أن أخذ العنوان من صديقتها هل سيكون الوقت مناسب للتحدث مجدداً فى أمرهما أم لن يجد الوقت المناسب للتحدث فيه ووصل للقاهرة وذهب للمنزل فأخبر والدته بكل شيئ وقال لها أنه سيذهب إليها ليطمئن سريعاً على والدها ويفاتحها مرة أخرى فى أمر الزواج منها وودع أمه مسرعاً وقلبه يخفق بشدة فهو على بُعد خطوات قليلة من تحقيق الحلم الجميل الذى لطالما إنتظره ، وركب سيارته ووصل لمنزلها فى أحد الأحياء الراقية من ضاحية المعادى وهناك أمام بيتها وجد سيارة إسعاف تقف أمام البيت وظهرت روميساء وهى تبكى وهناك شخص ممدد على محفة يحملها رجال الإسعاف ويدخلونه لسيارة الإسعاف وهى أمام عينه وفجأة وجد نفسه يسرع الخطى لها وتوقف أمامها فنظرت له بدهشة ممزوجة بمشاعر مختلطة وفجأة ارتمت بين ذراعيه وهى تقول أدهم والدى متعب جداً يا أدهم لم يعد لى فى هذه الدنيا سواك أنت ، أنخلع قلبه وزاد النبض فيه من المفاجأة فيا للأقدار تعطينا بعد أن نظن أننا فقدنا كل شيئ أخذها بين ذراعيه وقال لها لن أتركك أبداً فأنا هنا اليوم لأضع حجر الأساس فى قصة حبنا وهمسات العشق التى أنتظرتها طويلا ووجدتها عندك أنت هيا بنا الآن وأسرع أدهم ورميساء خلف سيارة الأسعاف التى تحمل والدها وبمجرد الوصول إتجها إلى الطوارئ وبعد الكشف الأولى قرر الطبيب حجز الوالد فى غرفة الرعاية المركزة لتدهور حالة القلب بصورة شديدة ولابد لهم من متابعة الحالة بدقة شديدة ، انخرطت روميساء فى بكاء شديد وطلب منها الطبيب الهدوء لراحة والدها وأنه لابد عدم إزعاجه ومن الأفضل الإنصراف لإن وجودهم لن يفيده شيئا كانت لاتزال تبكى فأخذها أدهم بين ذراعيه محاولاً التخفيف عنها ومهدئاً لها إهدأى روميساء ،قالت وسط دموعها إن أبى هو كل حياتى وعمرى وهو كل شيئ لى فى هذه الحياة ولا أعرف كيف سأعيش من دونه يا أدهم ، رد عليها أنا جوارك لن أتركك أبداً وسأكون جوارك منذ هذه اللحظة نظرت فى حب إليه وقالت أنت هدية من السماء لى ربى يبارك فيك دائما أدهم , أبتسم أدهم قائلاً لها كنت أنتظر منك الرد على طلبى منذ أيام والآن رأيت الجواب فى عينيك سأطلب يدك من والدك بعد أن نطمئن عليه ويخرج من المستشفى وأنا من الآن مسئول عنك مسئولية كاملة ولن أتردد لحظة حبيبتى أن أعطيك عمرى . هيا بنا لتوصيلك للمنزل وسأحضر فى الصباح لكى نذهب معاً لزيارة والدك ، استجابت لكلمات أدهم ونزلا سوياً وركبا سيارة أدهم وفى الطريق تحدث معها أنها هى الفتاة التى كان يحلم بها وأنه على استعداد تام لتلبية كل طلباتها ولن يبخل عليها فى شيئ مهما كان ، قالت له أدهم الأمر ليس سهلاً كما تظن يوجد أشياء كثيرة لازلت لا تعرفها عنى ، رد أدهم أنا أستمع إليك الآن تحدثى أمالت رأسها على الكرسى وتوقف أدهم قريباً من شاطئ النيل قالت روميساء أنا أعانى من مرض نادر فى الكبد يا أدهم هذا المرض توارثته عن والدتى رحمة الله عليها ولا أدرى متى أو كيف حدث هذا ولكنى أسافر للخارج للعلاج كل سنة يتم عمل كشف طبى شامل لى وأعود بعدها ، كان أدهم يستمع لها وهو لا يصدق ما تقول أكملت روميساء وقالت أنا أعانى منذ أن كنت فى الرابعة عشر من عمرى من هذا المرض الخطير وفى المرة الأخيرة منذ شهرين تقريبا قبل نهاية العام قالت التقارير أن هذا المرض يبطئ من عمل الكبد ويقلل من مناعة الجسم بوجه عام وأنى سأظل على قيد الحياة لمدة صغيرة لن تتجاوز بضع سنوات ولم يتبقى لى من هذه المدة سوى عام ونصف العام ولهذا أنا لا أريد أن أعيش سعادة مؤقتة يا أدهم .. ولهذا لم أجيب على طلبك حينما كنا سوياً فى الغردقة وكنت سأخبرك بهذا فى حينه لولا أنى رجعت لمرض أبى ، قال لها أدهم فى رفق وحنان حبيبتى أنا أوافق على أن أكمل معك الباقى من العمر وسأظل قربك دائما ولن أتخلى عنك وسأرتضى بأى شيئ لأنى لم أجد مثلك فالقلب يهمس لك أنت والعقل يهمس لك وحدك وسأظل أهواك وأحبك روميساء ، نظرت إليه وقالت يا أدهم لن يوافق أهلك على هذا أبداً ولن يرتضوا أن تكون زوجتك بها هذا المرض الخطير ويتم الموافقة على الزواج بى ، رد أدهم أنا صاحب القرار وأنا وحدى من سيتزوج وهذا هو قرارى الأخير اتفقنا ، ابتسمت واقتربت من أدهم وأحتضنت ذراعه وقالت بهمس أحبك وسأظل أحبك لنهاية عمرى، وأتمنى أن أسعدك المتبقى من عمرى يا أدهم ، ربت أدهم على يديها وقال لها هيا بنا الوقت تأخر لابد أن تعودى للبيت وسنكمل هذا فى الغد إن شاء الله وتحركا بالسيارة ونزلت عند بيتها روميساء وودعها أدهم على أمل باللقاء فى الصباح للذهاب لوالدها بالمستشفى .
عاد أدهم للمنزل منهكاً ودخل لغرفته بعد أن سلم على والدته وأخيه الصغير واستلقى على سريره ونام بملابسه من شدة التعب ، واستيقظ على صوت والدته وهى تنادى عليه يا أدهم رد فى صوت مرهق جداً نعم يا أمى ، الساعة أصبحت التاسعة يا إبنى وأنت غير معتاد على هذا ، إنتبه فجأة ونظر فى ساعته للوقت وهو من المفترض أن يمرعلى روميساء فى العاشرة للذهاب للمستشفى قام أدهم مسرعاً وأخذ حماماً بارداً وإرتدى ملابسه ونزل مسرعاً لمنزل روميساء ، وعندما وصل إليها كانت المفاجأة لم يكن هناك أى شخص فى المنزل حاول الإتصال بها على هاتفها المحمول ولكنها لا تجيب ، نزل أدهم مسرعاً إلى حارس العقار وسأله عنها فقال إنها نزلت مبكراً فى عجلة وطلبت منه إحضار تاكسى للذهاب للمستشفى لم ينتظر لسماع المزيد وأسرع إلى المستشفى وحينما وصل للمكان الذى يرقد فيه بقسم الرعاية المركزة والد روميساء وجدها تبكى فى شدة فأسرع إليها قائلاً ماذا حدث أخبرينى ؟ ردت الممرضة التى كانت تستند إليها روميساء البقاء لله يا أستاذ ، وقع الخبر كالصاعقة على أدهم وأخذها بين ذراعيه لتهدئتها ولكنها فقدت الوعى من شدة البكاء فحملها أدهم لأقرب غرفة وقام الطبيب بإفاقتها فتعالت صرخاتها وبكائها وأخذت تقول لأدهم مات أبى ، مات من كنت أعيش لأجله لا أريد أن أعيش بعد اليوم لا أريد ، مسك أدهم يديها وقام بتهدئتها وقال لها إنها قدرة الله وإرادته يا روميساء ولا يوجد بأيدينا أى شيء ،هدأت من تأثير المهدئ ونامت قليلاً وخرج أدهم للخارج فوجد هناك عمها تحدث إليه وقام معه بعد أن عرفه بنفسه بمراجعة ترتيبات وإجراءات مراسم الدفن واستخراج الجثمان من المستشفى وقام أدهم مع عمها بكل اللازم واستعادت روميساء وعيها وخرجا سوياً خلف سيارة الجثمان حيث مقابر أسرتها لدفن الجثمان بعد أداء الصلاة عليه وبعد أن أنتهت كافة الإجراءات وانتهى اليوم ذهب أدهم لمقابلة عمها لعمل سرادق عزاء لوالد روميساء ووقف مع أقاربها حتى نهاية اليوم وطلع إليها فى نهاية اليوم ليقوم بتعزيتها وإخبارها بأنه سيعود لها بعد يومين حتى تهدأ قليلاً وتقوم بأخذ العزاء فى والدها فى هذه الفترة وإذا أحتاجت لأى شيء هو متواجد فقط تتصل به وسيكون هنا على الفور ودعها ومضى عائداً إلى منزله وهو فى قمة التعب والإرهاق ودخل للمنزل قابلته والدته بإستغراب شديد عن حالته المزرية قال لها أدهم لقد توفى والد روميساء يا أمى اليوم وطوال اليوم وأنا معها وأنا متعب جداً وأحتاج للراحة الشديدة ولا توقظينى فى الصباح فأنا لن أخرج فى الغد أشارت والدته برأسها بالموافقة وهى تنظر إليه فى إشفاق وحنان ، ودخل أدهم إلى غرفته وهو يفكر بشدة هل آن الأوان للزواج بها وهل ستوافق فى ظل هذه الظروف الشديدة الحزن أن تكون معه ؟ تساؤلات عديدة ظلت تطارد عقله وسقط أدهم فى نوم عميق ولم يعرف كم من الوقت ظل نائماً ولكن نظر فى الساعة جواره وجدها السابعة مساء قام وخرج من الغرفة ليجد والدته وأخيه بالخارج يشاهدان التلفاز قال لأمه أريد أن أتناول بعض الطعام يا أمى ردت عليه سأجهز لك الطعام حتى تنتهى من أخذ حمامك يا أدهم، أومأ برأسه ودخل للحمام وأخذ حماماً دافئاً وخرج للخارج كانت والدته قد أعدت الطعام ولم يكن أخيه قد تناول الطعام أيضاُ وجلسا سوياً لتناول العشاء وهو يفكر فى روميساء كيف حالها الآن وهل يتصل بها أم يتركها كما قال لها ليومين ، إنتهى أدهم من طعامه ودخل لغرفته بعد أن أعدت له أمه كوباً من الشاى وأخذ كتاباً من مكتبته ليقرأ قليلاً ولكن صورة روميساء أمام عينيه ولا يستطيع أن يفعل أى شيء وفجأة رن الهاتف بجواره فقام مسرعاً ليرد فوجدها روميساء رد سريعاً : حبيبتى كيف حالك كنت أفكر فيك الآن وكنت أتمنى سماع صوتك وكأن ربى أستجاب لأمنيتى ، لم تجب روميساء على أدهم فقال ماذا حدث ما بك أخبرينى هل تشعرين بالتعب ؟ ردت لا يا أدهم أنا بخير ولكن قاطعها أدهم لكن !! ماذا حدث تكلمى قالت أنا إتخذت قرارى يا أدهم سأسافر غداّ مع عمى للخارج ولن أبقى فى مصر مرة أخرى فلم يعد لى هنا شيء وسأكمل دراستى بالخارج و لن أبقى وحدى فى هذا البلد وأيضا هناك فحوصات طبية لابد من إجرائها لأنى أشعر بالتعب الشديد ، سامحنى أدهم لن أستطيع إكمال حياتى معك سامحنى مرة أخرى لم يعد عندى ما أعطيه لك تذكرنى دائما بالخير مع السلامة وأغلقت الخط ، تجمد أدهم فى مكانه لدقائق ولم يدرك لدقائق ماالذى سمعه الآن؟ وكيف حدث هذا ولكنه تذكر فجأة رقم هاتف عمها فقام بالإتصال به ليسأله عن موعد السفر إتصل به أدهم وانتظر قليلاً إلى أن أجاب عليه عم روميساء فسأله عن ميعاد سفره هو ورميساء فتعجب من كلامه وقال إنه لن يسافر بعد ولم يحدد حتى موعد السفر إندهش أدهم ، فأخبره بما دار بينه وبين روميساء فقال له عمها إنها تحبه وبشدة ولكنها لا تريد له أن يعيش معها لبضع شهور وبعدها يظل وحيداً ، قال له أدهم ولكنى أوافق على هذا أريد أن أتزوج منها ياعمى قال له أنا موافق شرط أن توافق هى يا أدهم قال له إذن سأتيك بالموافقة منها وبعدها سأعلن خبر الزواج ونتم المراسم بعد شهر من اليوم اتفقنا قال عمها أوافق لتخرج من هذه الحالة السيئة التى أراها عليها دائما منذ وفاة أخى ، شكره أدهم بشدة ووعده أن يأتى قريبا مع روميساء إليه لتقول له أنها وافقت على الزواج منه .
مرت الساعات بطيئة حتى بزغ فجر اليوم الجديد وقام أدهم وإرتدى ثيابه وتناول طعام الإفطار وقال لوالدته أنا سأذهب إلي روميساء لطلب يدها دعت له والدته بالتوفيق وخرج مسرعاً ليصل إلي منزلها وحينما وصل دق جرس الباب وانتظر لتفتح الباب ووجدها أمامه وتفأجئت به فقال لها أدهم صباح الخير روميساء سأنتظرك فى السيارة أريد الكلام معك قليلاً وتركها ونزل لسيارته ومضت ساعة ورأها وهى تنزل من المنزل ، ركبت جواره وانطلق بالسيارة دون كلام حتى سألته إلى أين نحن ذاهبون يا أدهم أخبرنى ؟ قال إلى عمك يا روميساء فأنا طلبت يدك منه وهو يشترط موافقتك ولن أنتظر يوماً واحدأ سواك حبيبتى ،لم تستطع الكلام أو محاولة الرفض فهى كانت قد وصل التعب منها مبلغه وقالت أوافق يا أدهم وليكن ما يكون فأنا لم أعد استطيع العيش بدونك بعد اليوم فأنت وحدك من أهواه وأريد دائما أن أهمس لك فى ليالى الشتاء والليالى المقمرة همسات عشق تزيد من حبنا سوياً يا أدهم توقف أدهم بالسيارة أمام منزل عمها وقال لها ستظل همساتك فى قلبى يا روميساء ولن يكون سوانا بمثل عشقنا هذا أحبك كثيراً ووصل معها لعمها وقال أدهم إنى أطلب منك يد روميساء وهى توافق يا عمى ، نظر عمها إليها فوجدها تحتضن ذراع أدهم فأبتسم قائلاً : ألف مبروك يا أولادى وأتمنى لكم السعادة الدائمة شكره أدهم وقال له أن ترتيباته للفرح ستكون خلال هذا الإسبوع وإن موعد الزفاف فى نهاية الإسبوع فوافق عمها ووافقت هى أيضاُ ومرت الأيام سريعة وفى ليلة الزفاف همس أدهم فى أذنيها الآن حققت ما أحلم به يا حبيبتى وستظل همسات عشقنا هى الدليل والطريق الذى سأكمل به الحياة معك يا روميساء يا حب العمر الأول والأخير .
***النهاية***
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق