قصة / غريق فى بحر هواكِ
بقلم /على محمد على ( الفيلسوف )
بدأت الشمس فى الغروب وعلى ساحل البحر الأحمر وتحديداً فى مدينة الغردقة وقفت عاليا على الشاطئ وهى تنظر إلى البحر أمامها وكان الجو جميل والبحر هادئ وهناك القليل من الناس فى داخل البحر وبينما كانت تستمتع بجمال البحر والطبيعة سمعت صوت إستغاثة يأتى من داخل البحر ونظرت فى سرعة بعيداً وهناك وجدت شاباً يصارع الماء فأسرعت عاليا إلى داخل البحر وأخذت تضرب بذراعيها وقدميها حتى وصلت إلى الشاب وهناك حملته على سطح الماء وأخذت تسبح عائدة به إلى الشاطئ وماهى إلا دقائق قليلة حتى وصلت إلى الشاطئ وأسرع إليها بعض الناس والمسعفين وحملوا الشاب منها وأنزلوه على الأرض وبدأوا فى إجراء الأسعافات الأولية له وجلست قريباً منه عاليا وهى تلتقط أنفاسها وحينما سمعت صوت الشاب وهو يسعل ويطرد المياه من حلقه تنفست الصعداء وقامت إلى حيث تركت أشيائها وأخذت منشفة ووضعتها على جسدها وألقت بنفسها على الكرسى وهى تنظر للشاب من بعيد وقد بدأ فى إسترداد عافيته وفجأة رن هاتفها المحمول بجوارها كانت والدتها تطلب منها العودة سريعاً لأنها تريدها فى أمر ضرورى فأجابتها عاليا بالإيجاب وأنها ستعود مسرعة إلى الفندق الذى ينزلوا فيه مع أسرتها وقامت وجمعت كل أشيائها وتحركت فى سرعة إلى الفندق عائدة إلى أمها وقبل أن تدخل من الباب سمعت صوت يأتى من خلفها كان نفس الشاب الذى أنقذته من الغرق منذ قليل فألتفتت إليه وقال لها : أشكرك جدا يا آنسة على إنقاذك لحياتى ، ابتسمت عاليا ببساطة وقالت له : لا داعى للشكر أى شخص فى موقفى هذا كان ليفعل ما فعلته وأكثر ، قال لها أنا أسمى : مراد وأتيت هنا فى رحلة صغيرة مع أسرتى وأرجو أن تقبلى دعوتى فى المساء على العشاء ، قالت له عاليا : أنا أسفة لن أستطيع لأنى لا أعرف إن كنت سأبقى هنا للمساء أم لا فأنا من الممكن أن أغادر الفندق بعد قليل ، بدا التوتر على وجه مراد وهو يقول لها : ليكن إن كنت ستبقى هنا فأنا سأنتظرك فى بهو الفندق الساعة العاشرة مساء وإن لم تأتى سأعرف أنك قد غادرت المكان ، أشكرك مرة أخرى على ما فعلتيه معى منذ قليل يا آنسة !! وصمت قليلاً فابتسمت وقالت له : عاليا .. إسمى هو عاليا ، بعد إذنك يا مراد قال لها: مع السلامة عاليا وتركها تنصرف وهو ينظر إليها وهى تمشى مسرعة إلى المصعد وذهب إلى الإستقبال وسأل عنها وعرف من موظفة الإستقبال أنها فى الغرفة رقم (952) وصعد هو الآخر إلى غرفته وحينما دخل للغرفة قابلته والدته بالسؤال عنه حينما رأت مظهره ولماذا تأخر هكذا ؟ حكى مراد لوالدته ما حدث والأم تنظر إليه فى ترقب وقلق ثم أبتسمت أخيراً حينما وصل للكلام عن عاليا ، كانت تنظر إليه ورأت بعينيه نظرة حب فهل هذا هو الحب من أول نظرة ؟ وإنتهى مراد من الكلام وقالت له والدته سأقابلها معك يا مراد أريد أن أرى الفتاة التى جعلت إبنى يشعر بالحب ، نظر إليها فى تعجب وقال لها: ولكنى لا أحبها يا أمى إن هذا فقط نوع من الإعجاب، فردت الأم بسرعة : أعرف هذا يا ولدى الحبيب فأنا قد أحسنت تربيتك جيداً حتى تخرجت من كلية الصيدلة ولا زلت لا تريد الزواج حتى الآن وكل مرة أحضر لك عروسة لا تعجبك ولكنى اليوم أرى فى عينيك نظرة جميلة ومختلفة ، وأعتقد أن هذه هى أولى بوادر الحب ، لهذا أريد أن أرى معك هذه الفتاة ولو لدقائق ثم أترككم سوياً ، ابتسم مراد وقال لها : حسناً يا أمى ليكن سأذهب لأخذ حماماً دافئا وأقوم بتغيير ثيابى وسأستعد لهذا المقابلة ، وترك والدته وهو يفكر هل حقا أحبها ؟ هل هذا الحب من أول نظرة كما كان يسمع من قبل ؟ دخل مراد مسرعاً وأخذ حمامه الدافئ وخرج فوجد أخيه الأصغر وأخته وأبيه قد عادوا إلى الغرفة فتكلم معهم قليلاً وقام ليستعد لمقابلة عاليا وهو يفكر ماذا سيكون فى هذا اللقاء ؟ وما الذى سيقوله لها وهل يجد حقاً فيها ما يريد وأن قلبه بالفعل خفق لها كما تقول أمه ؟.
طرقت عاليا باب الغرفة ودخلت فوجدت والدتها وأختها الصغيرة يحزموا حقائب السفر فسألت عاليا أمها : ماذا حدث يا أمى هل هناك مكروه قد حدث ؟ ردت أختها الصغيرة إن والدنا طلب أمى منذ قليل وقال لها : إن هناك موعد هام جدا فى العمل ولابد أن تكون معه اليوم ولقد حجز لنا التذاكر وستقلع الطائرة بعد نصف ساعة من الآن يا عاليا ، هيا لتستعدى وفى الطريق سأكمل لك ما حدث ، دخلت عاليا وقامت بتغيير ملابسها بسرعة ونزلوا جميعا إلى بهوالفندق وقامت الأم بإنهاء إجراءات المغادرة من الفندق وكانت الحقائب قد نزلت للخارج وتم وضعها فى سيارة خاصة بالفندق ستوصلهم إلى المطار وركبوا جميعا وانصرفوا إلى المطار وهناك كانت الطائرة فى إنتظارهم وما هى إلا ساعات قليلة وقد وصلوا إلى مطار القاهرة وكان فى إنتظارهم سائق والدهم وسيارته الخاصة وحينما وصلت إلى المنزل كانت الساعة قد أعلنت العاشرة مساء وهنا تذكرت عاليا الشخص الذى أنقذته مراد وإن الوقت هو الموعد الذى كان من المفترض أن يقابلها فيه وابتسمت عاليا فى هدوء وهى تقول فى قرارة نفسها لم يكن مقدراً لنا اللقاء ، ودخلت لغرفتها وألقت بجسدها على السرير من الإرهاق وراحت فى نوم عميق.
نزل مراد مع والدته إلى بهو الفندق وانتظروا فى الموعد المحدد ولكن الدقائق مرت دون أن تظهر عاليا ومضت نصف ساعة ولم يظهر أى شخص وهنا قام مراد إلى الإستقبال وسأل عنها فأخبرته موظفة الإستقبال أنها وأسرتها قد غادروا الفندق من ساعات فسأل عن وجهتهم فأجابت الموظفة بأنها قد عادت إلى القاهرة وسألها عن إسمها بالكامل فأجابت بأن الغرفة كانت محجوزة بإسم السيد / مصطفى القاضى وأعتذرت لأنها لن تستطيع أن تقول أى شيئ أخر، شكرها مراد وعاد إلى والدته وهو يقول لها : لقد غادرت الفندق يا أمى مع أسرتها لقد إنتهى الموضوع بأكمله قبل أن يبداً ، وابتسم مراد لأمه وهى يرى على وجهها علامات الضيق وقال لها : ليكن يا أمى هيا بنا لنعود إلى أبى وأخواتى قبل أن يتسلل الشك لقلوبهم ويبدأوا فى السؤال عن تأخرنا ، قام مراد ووالدته وصعدوا للغرفة وسرح بخياله وهو يقول لنفسه : هل من الممكن أن ألقاها فى يوم من الأيام ؟ لا أعتقد هذا ، ليكن سأستمتع بوقتى قبل أن أعود للقاهرة فى الغد ، ودخل مع والدته للغرفة وكان الجميع مشغول بمشاهدة أحد برامج المسابقات الشهيرة وجلس معهم لمشاهدة البرنامج فى هدوء ومر الوقت سريعاً وذهبوا جميعا للنوم كل منهم فى فراشه وفى الصباح الباكر استيقظوا جميعا وسافر مراد مع أسرته عائداُ إلى القاهرة ولم يعد يفكر فى عاليا مرة أخرى وقد أقتنع تماماً أن الأمر قد إنتهى قبل أن يبدأ ولابد أن تمضى الأيام كما كانت قبل أن يقابلها .
استيقظت عاليا من نومها فى اليوم التالى وجهزت مع أختها الإفطار كانت والدتها قد عادت متأخرة مع والدها من عشاء العمل الذى قد عادت لأجله لوالدها وطرقت الباب على أمها ودخلت لتجلس بجوارها فى حنان دافئ وهى توقظها من النوم لتتناول طعام الأفطار وفتحت الأم عينيها فى تكاسل وهى تنظر فى حنان إلى إبنتها وتقول صباح الخير يا حبيبتى كم الساعة الآن ؟ ابتسمت عاليا وقالت لها: إنها العاشرة صباحاً يا أمى هى لنتناول الطعام سوياً قبل ننزل إلى الجامعة أنا وسلمى يا حبيبتى ، طبعت قبلة صغيرة على جبين عاليا وقالت لها : دقائق وسأكون بالخارج معكما هيا يا حبيبتى ، خرجت عاليا لغرفة الطعام وانتظرت مع سلمى أختها والدتها كان الأب قد نزل مبكراً فهو رئيس مجلس الإدارة لأحدى الشركات الكبيرة فى مجال الأدوية والعقاقير وكانت عاليا فى السنة الأخيرة من كلية الصديلة وكانت من المتفوقات فى دراستها ولقد وعدها والدها بالعمل فى الشركة معه بعد أن تتخرج من الجامعة وكانت سلمى أختها الصغيرة فى كلية الآداب فى السنة الأولى . أتت الأم بسرعة وأنضمت إليهما وبسرعة إنتهت عاليا وأختها من تناول الطعام ودخلوا إلى غرفتيهما وإرتديا ثيابهما ونزلوا إلى الجامعة، كانت عاليا لديها سيارة صغيرة ركبت مع أختها وأتجهت فى سرعة إلى الجامعة كانت لديها محاضرة أخيرة وهامة قبل إمتحانات نهاية العام ونزلت أختها سلمى أمام باب الجامعة وأكملت طريقها عاليا حتى وصلت للجامعة و هناك قابلت صديقتها المقربة رحاب ودخلت للمحاضرة وبعد أن إنتهت خرجت مع صديقتها لكافيتريا الجامعة وتناولت معها بعض الطعام وبينما كانت تتكلم مع صديقتها سمعت صوتاً ينادى من خلفها : مراد .. يا مراد أين أنت يا صديقى ؟ وكيف حالك منذ زمن طويل لم تأتى للجامعة ؟ إلتفت عاليا بسرعة وهنا كانت المفاجأة لقد وقع بصرها عليه، نفس الشاب الذى أنقذته فى الغردقة منذ يومين ورأته يمشى مع صديقه لداخل الكلية وهما يتضاحكا سوياً فسألت رحاب صديقتها : ماذا بك يا عاليا أنا أتكلم معك منذ دقائق ولست معى ، إنتبهت عاليا وقالت لها : سأحكى لك يا رحاب وأسرعت تحكى لها عن الموقف الذى حدث معها وأن هذا الشاب هنا فى الكلية ولكن ما الذى أتى به إلى هنا يا ترى ؟ كان الفضول قد وصل إلى أقصى مداه مع عاليا فقالت لرحاب : هيا بنا سأدخل لأعرف لماذا هو هنا ؟ وأسرعت عاليا مع صديقتها رحاب لداخل الكلية ومن بعيد رأت مراد يقف مع بعض الشباب أمام باب مكتب عميد الكلية فأقتربت قليلاً منه وفجأة نظرمراد خلفه فرأى أمامه عاليا فأصابته الدهشة وابتسم فى سعادة وبدأ نبض القلب يتسارع وهو ينظر إليها وهى تأتى فى إتجاهه وترك أصدقائه وأسرع ناحيتها وسلم عليها وهو يقول لها : أهلا بك عاليا لا أصدق عينى ما الذى تفعليه هنا ؟ هل أنت مع صديقتك هنا أم أنت طالبة فى الجامعة هنا ؟ ردت عليه بإبتسامة كنت سأسألك نفس السؤال ولكنى لا أعتقد أنك طالب هنا فى الجامعة قاطعها مراد لقد كنت طالباً هنا ولقد كنت الأول على الدفعة التى تخرجت من خمس سنوات وأصدقائى هنا الذين قد تم تعيينهم أحيانا يطلبوا منى المجئ لقضاء بعض الوقت هنا ، قالت له عاليا : أنا فى السنة الأخيرة فى هذه الكلية ويا لها من مصادفة أن أراك هنا وأعتذر لعدم مقدرتى على مقابلتك فى الغردقة منذ أيام لقد سافرت إلى القاهرة مع والدتى وأختى ، قال لها مراد : هذه الصدفة جميلة جدا هل من الممكن أن نتناول أى شيئ فى الكافيتريا ؟ وانتبه مراد لصديقتها رحاب فأعتذر لها على عدم الترحيب بها فابتسمت رحاب وقالت له : لا بأس لم يحدث شيئ وعلى كل حال كنت سأترك عاليا وأدخل لحضور محاضرة واستأذنت منهم وانصرفت ومشى مراد وعاليا إلى الكافيتريا وجلسا سوياً ونظر إليها مراد كانت عاليا فتاة جميلة الملامح لها بشرة بيضاء وشعر بنى يميل للأصفر وعينين عسلية ولم تكن طويلة ولها جسد رياضى رشيق وانتبه لصوت عاليا وهى تقول له : لماذا لم تعمل بالجامعة مع حصولك على مركز متقدم على الدفعة فى وقت تخرجك ، قال مراد لم يكن التعليم والتدريس من هواياتى فانا أحب العمل الميدانى وأكملت بعدها بعض الدراسات فى تخصصى والآن أعمل فى إحدى الشركات الكبيرة للأدوية وبالإضافة لإمتلاكى صيدلية صغيرة فى أحد أحياء القاهرة ، والدى موظف كبير فى وزارة الرى وعندى أخى وأختى مروان ومريم وهما تؤأمأن وفى السنة الأولى من كلية التجارة جامعة عين شمس كانت تنظر إليه وسرحت فى كلامه واستفاقت على لمسة من يده على يديها فانتفضت عاليا وقال لها مراد : أين ذهبت أنا أتحدث منذ قليل وأنت لست هنا ، شعرت بالخجل وردت عليه لا شيئ لقد سرحت قليلاً فى الإمتحان القادم ليس أكثر ، قال لها أنا مستعد لأى شيئ تريديه فى الدراسة ، شكرته عاليا وقالت له : أنها الحمد لله من المتفوقات فى الكلية بالإضافة لتفوقها الرياضى فهى من أبطال الجمهورية فى السباحة ولهذا أستطعت أن أنقذك يوم الشاطئ ، ابتسم مراد وقال لها بالفعل أنت تستحقين الكثير فأنا أراك فتاة رقيقة جميلة ولو سمحت لى أن نبقى أصدقاء ويبقى هناك تواصل بيننا سيكون هذا من دواعى سرورى عاليا ، قالت له عاليا : لا يوجد أى مشكلة فأنت إنسان مهذب ومحترم جدا وهذا يشرفنى ، نظرت عاليا فى ساعتها وقالت له: لقد تأخرت ولابد من العودة للبيت لأنى سأمرعلى أختى سلمى لأخذها معى من كليتها أعتذر لك على وعد باللقاء القريب مراد ولكن بعد أن أنتهى من الإمتحانات ، قال لها مراد ليكن يا عاليا وأتمنى لك النجاح والتوفيق إن شاء الله هل أقوم بتوصيلك معى ؟ ردت عليه أشكرك مراد معى سيارتى بالخارج إلى اللقاء قريباً وتركته وأسرعت وقلبها يدق بعنف وهو ينظر إليها وهى تسرع الخطى أمام عينيه وقلبه ينبض فى سرعة هو الآخر ، وفجأة وجد صديقه يهزه فى كتفه ويقول له : مراد يبدو أن هذه البنت قد أعجبتك وأننا سوف نفرح بك عن قريب ، ابتسم مراد وقال لصديقه : أتمنى هذا يا عصام ولكنى لا أريد أن أسبق الأحداث فلم نتكلم سوى مرة واحدة فقط ولا أعرف إن كان هناك شعوراً متبادلا من ناحيتها سأنتظر حتى تنتهى من الإمتحانات وبعدها سأقرر يا عصام بعد أن أتحدث معها ، هيا بنا الآن فأنا الآخر أريد العودة للمنزل لأستريح فى الغد عندى إجتماع هام فى الشركة ،وعاد سريعا للمنزل مراد بعد أن اوصل عصام لمنزله ودخل البيت ورأى أمه أمامه ورأت علامات فرح وسعادة على وجه مراد فسألته ما الذى حدث يا مراد؟ أراك على غير المعتاد هل هناك جديد بالعمل ؟ أحتضن أمه وقبَل يديها وقال لها سأغير ثيابى وأحكى لك كل شيئ ودخل لغرفته سريعاً وقام بإستبدال ثيابه وخرج فوجد أمه فى إنتظاره فجلس جوارها وسألها عن أخته وأخيه ووالده فقالت له والدك لا يزال بالخارج وأخواتك فى غرفتهم ، أخبرنى هيا لا تطيل فى الحديث ، ابتسم مراد وبدأ يحكى لأمه كل ما حدث اليوم وعن لقائه مع عاليا التى كان قد حكى لها عنها فى الغردقة وبعد أن إنتهى من الكلام قالت له أمه: وهل سألتها عن العنوان حتى نذهب لطلب يدها يا مراد ، ضحك مراد وقال لها: أنت تتعجلين الأمور يا أمى لأنى لم أتكلم معها حتى الآن فى أى شيئ لكى أعرف إن كانت مرتبطة أو لا أو هناك أى شخص فى حياتها لننتظر بعض الوقت حتى تنتهى من الإمتحانات وبعد ذلك سأتكلم معها فهى تعجبنى كثيراً وأرى فيها الكثير من الذى أحبه فى الفتاة التى أريد أن تكمل معى الحياة يا أمى ، ابتسمت أمه وقالت له بإذن الله يا مراد ولكنى أريد أن أراها كما قلت لك من قبل ، قال لها مراد حاضر يا أمى والآن سأقوم لأستريح لأنى فى الغد عندى الكثير والكثير وهناك إجتماع هام جدا قد يحدد مصيرى فى العمل بالشركة التى أعمل بها وأرجوك لا توقطينى من النوم لن أتناول طعام العشاء أريد أن أرتاح وأنام تصبحين على خير وأبلغى سلامى لوالدى ولأخواتى وتركها مراد ودخل لغرفته ودخل فى فراشه ونظر إلى سقف الغرفة وهو يتذكر صورة عاليا وكلامها وابتسامتها وضحكتها الرقيقة وبدأ يشعر بالحنين إليها ويتمنى لو يمرالوقت سريعاً ليراها مرة أخرى وأغمض عينيه وأستغرق فى نوم عميق .
قابلت عاليا أختها سلمى أمام الكلية وأسرعوا للعودة للمنزل كانت سلمى تشعر أن أختها بها تغيير فسألتها: هل حدث شيئ بالجامعة يا عاليا ؟ نظرت لها عاليا بهدوء وابتسمت وقالت لها : لا يا حبيبتى لم يحدث شيئ أخبرينى هل الأمور على مايرام بالكلية عندك وهل أنت مستعدة لخوض الإمتحانات بعد أيام ؟ ردت عليها سلمى يبدو أنك تتهربين من الإجابة على سؤالى وضحكت سلمى وقالت لها عاليا سأحكى لك ولكن فى المساء يا سلمى ، وصلت عاليا وأختها سلمى وقامت بإدخال السيارة فى الجراج الخاص بالعمارة وصعدت مع أختها للشقة وقابلتهما أمهما بالترحاب وفى سعادة ودخلت عاليا لغرفتها وقامت بتبديل ملابسها هى وسلمى أيضا وخرجا فى سرعة إلى أمهما وكانت قد أعدت لهما طعام الغداء فتناولاه بسرعة ودخلوا إلى غرفة عاليا وحكت عاليا لأختها كل شيئ منذ أن أنقذت مراد فى الغردقة وحتى لقائها به بالمصادفة اليوم بالكلية وبأنها تشعر أنه مناسب جدا لها وإنه يبدو عليه الأخلاق العالية والإحترام ويبدو أيضا أنه مجتهد فى عمله جدا ، قالت لها سلمى : ولكنه لم يتكلم معك عن أى شيئ فلماذا تفكرين هكذا أنصحك لا تفكرى كثيراً به ولننتهى أولاً من الأمتحانات وبعدها لنرى ماذا سيحدث ؟ قالت لها عاليا :هذا فعلا ما أفكر به يا سلمى هيا بنا فأنا أسمع صوت والدى بالخارج لنخرج ونجلس معه قليلاً ، قامت عاليا وأختها وقابلهم أبوهم بالترحاب وعانقهما عناقاً حاراً وهو يضحك معهما ويقول لهما : كيف حال الدراسة والإمتحانات يا بناتى ؟ ردت عليه عاليا : كل شيئ على ما يرام يا أبى أخبرنا كيف حال العمل معك وهل الوظيفة التى وعدتنى بها لا تزال موجودة ؟ ضحك أبوها وقال لها إنها موجودة يا عاليا وهذا سيتوقف على التقدير العام النهائى لك بالكلية وعندى فى الغد إجتماع هام جدا سيتم فيه ترقية بعض الموظفين وتعديل وتحديث بعض الإدارات والمهام لبعض الموظفين دعونا لا نتكلم فى العمل هيا بنا من سيتناول الطعام معى أم أنكم قد أكلتم قبل منى ؟ ضحكت سلمى وقالت له أمى فقط هى التى لم تأكل يا أبى فهى تنتظرك ونحن قد ألتهمنا الطعام كله وضحك الأب والأم وقامت الأب ليجلس على مائدة الطعام وبناته ينتظروه أن يفرغ من تناول الطعام ليجلسوا سويا معه وبعد قليل كان الجميع فى غرفة الصالون يحتسوا أكواب الشاى وهم يضحكون ويتكلموا عن الأمور بالبيت والعمل والجامعة وبعد قليل استأذنت عاليا وسلمى من والديهما ودخلت كل منهما إلى غرفتها وبدأوا فى المذاكرة والإستعداد الجاد لإمتحانات نهاية العام وسرحت قليلاً عاليا فى مراد وأصبحت تدرك فى قرارة نفسها بأنه الشخص المناسب لها فهو مناسب لها من كل الجوانب وهو وسيم أيضا وتمنت أن يكون هو النصيب لها، ونظرت إلى ساعتها فوجدتها قد اقتربت من العاشرة مساء وهذا هو وقت النوم لها فدخلت فى فراشها وأخذت تفكر وتقول لنفسها هل سيكون اللقاء القادم مع مراد هو لقاء الإعتراف بالحب ؟ وهل سيكون بالفعل هو الفارس الذى إنتظرته فى أحلامها طويلاً ؟ تعبت عاليا من التفكير ثم أغمضت عينيها ونامت وصوت مراد يدوى فى أذنيها وهو ينطق بإسمها عاليا .. عاليا .
إستيقظ مراد من نومه مبكراً وأخذ حماماً دافئأ وهو يستعد للنزول إلى الشركة وخرج من غرفته كانت والدته قد أستيقظت مبكراً و أحضرت له كوب القهوة المعتاد وكان والده موجود أيضا لم يكن قد غادر إلى عمله كالمعتاد فى الصباح الباكر فسألة مراد : لماذا تأخرت اليوم عن عملك يا أبى هل هناك شيئ فى العمل ؟ رد عليه والده : لا يا مراد اليوم عندى مأمورية عمل خارج الوزارة وسأنزل فى العاشرة إلى هناك ، كان السيد /حافظ السعيد والد مراد على درجة مدير بوزارة الرى وكانت لديه مأمورية للمرور على أحد المصالح التابعة للوزارة ابتسم مراد وهو يقول لأبيه : أحذر من التأخير على موعدك فأنأ أرى أمى اليوم تبدو أجمل من أى يوم آخر وقام بتقبيل جبين أمه ونزل مسرعاً إلى العمل واستقل سيارته مراد وأسرع حيث تكون الشركة فى مدينة العبور فى أحد المناطق الصناعية الكبيرة هناك وما هى إلا ساعة أو يقل وقد وصل إلى مقر الشركة ودخل إلى مكتبه وسلم على زملائه فى المكتب وأخبره زميله أن إجتماع اليوم سيحضره المدير العام ورئيس مجلس الإدارة للشركة وعلى غير المعتاد وسمع من بعض العاملين بالشركة أن اليوم سيقرر فيه بعض القرارات الهامة فى هذه الشركة وتوجيه الشكر لبعض المديرين والعاملين فى بعض الإدارات وأنها فرصة مناسبة للترقية الآن جلس مراد على مكتبه وهو يطالع بعض الأوراق أمامه فلقد أعد تقريراً عن بعض الأعمال وبعض المنتجات الخاصة بالشركة والتى ستفيد الشركة كثيراً وتعطيها إنتاجية أعلى وأرباح أكثر لأنه من خلال دراسته وتجاربه توصل لمادة فعالة لأحد أدوية القلب والتى ستزيد كفاءته وتقلل من سعره واليوم هو الوقت المنتظر لكى يعطى تصوره وعمله الجاد فى الفترة الماضية لكى يتمكن من تحقيق حلمه الذى إنتظره طويلاً ليكون مدير المعامل الطبية فى هذه الشركة وخرج مراد من أحلامه وتفكيره على صوت زميله وهو يقول له لقد حضر الجميع وموعد الإجتماع بعد ربع ساعة من الآن يا شباب ، ابتسم مراد وأعد أوراقه وكل شيئ وهو يتناول فنجان القهوة ومرت الدقائق فى سرعة شديدة و توجه مسرعاً مع زملائه إلى غرفة الإجتماعات الكبيرة بالشركة ودخل الجميع فى إنتطار قدوم مدير الشركة وجلسوا ينتظروا فى ترقب والجميع يتهامس فيما بينهم عن الذى سيحدث فى هذا الإجتماع ومن سيبقى ومن سيرحل بعده من منصبه .
استيقظت عاليا مبكراً كعادتها وخرجت لتجد أبيها قد جلس مع أمها وهما يتناولان طعام الأفطار وقبلت أمها وأبيها وقالت له : أنت على غير العادة ستنزل إلى العمل باكراً يا أبى ، قال لها بالفعل يا حبيبتى عندى إجتماع هام للغاية اليوم وسيكون اليوم مشحون جدا وأرجو من الله أن يكون موفقاً معى لأنى سأتخذ قرارات هامة جدا فى الشركة اليوم حبيبتى فلتدعو لى بالتوفيق ، ابتسمت عاليا وقالت لأبيها : ليحفظك ربى يا أبى وبإذن الله موفق فى كل شيئ وما هى إلا دقائق قليلة وقد أستعد أبيها للنزول وخرج ليجد السيارة فى إنتظاره بالخارج أسفل العمارة وبعد نصف ساعة تقريباً وصل السيد / مصطفى القاضى إلى الشركة ودخل إلى حجرته وطلب من سكرتيرته تجهيز الأوراق التى طلبها منها للدخول للإجتماع وبعد دقائق قليلة كان كل شيئ قد تم إعداده وطلب من سكرتيرته إبلاغ الجميع إن الإجتماع بعد عشر دقائق من الآن فأبلغته أن الجميع فى إنتظاره بغرفة الإجتماعات الكبيرة والجميع ينتظر قدومك يا سيدى، قال لها : إذن هيا بنا لنتوجه إلى غرفة الإجتماعات وخرج وخلفه سكرتيرته متوجهين إلى غرفة الأجتماعات ودخل السيد / مصطفى إلى الغرفة ووقف الجميع إحتراماً له وطلب منهم الجلوس وطلب من المدير التنفيذى للشركة مع سكرتيرته البدء فى أعمال الإجتماع وقف المدير التنفيذى ليقول كلمة صغيرة قبل بداية الإجتماع ، أود أن أرحب اليوم بالسيد / مصطفى القاضى وهورئيس مجلس الإدارة والمدير العام لمجموعة الشركات الخاصة بنا وقد لا يعرفه الكثير من الحضورولكنه لشرف كبير أن يكون هنا معنا شخصية محترمة كبيرة مثله فهو كان من المؤسسين لهذه الشركة الأم ولمجموعة الشركات الأخرى ونتمنى معه دوام التوفيق والتقدم ولنبدأ الإجتماع على بركة الله .
كان مراد يجلس فى غرفة الإجتماعات ودخل المدير العام للغرفة ووقف المدير التنفيذى للشركة ليقول كلمة وهنا كانت المفاجأة حينما سمع مراد إسم المدير العام وسأل زميله المجاور له هل بالفعل هو السيد / مصطفى القاضى ؟ أشار زميله برأسه علامة الإيجاب وهنا زادت الدهشة على وجه مراد فهذا الرجل هو والد عاليا لا يمكن أن يكون تشابه فى الأسماء فهو قد سأل عنها وعرف أن والدها مدير لأحد شركات الأدوية الكبيرة ويا للمفاجأة فوالدها يكون المدير العام للشركة التى يعمل بها وتحولت دهشته إلى قلق غير مبرر فكيف سيكون الحال إن طلب الزواج منها ووالدها من الأثرياء وذو منصب راقى كبير ،وهنا إنتبه مراد حينما سمع إسمه من السكرتيرة وهى توجه الكلمة له ، فقام مراد ووجه الشكر للجميع فى هدوء ثم بدأ الحديث عن أفكاره وعن التقرير الذى قد أعده عن الدواء الذى يرى أنه سيكون له فى المستقبل دوراً بارزاً وهاماً فى زيادة الأرباح للشركة وإنتهى من كلامه مراد فأشار له المدير العام بالجلوس وصفق له الحاضرون ومضى بعد ذلك ساعتين أو أكثر وكان مراد يفكر فى شيئ واحد .." عاليا " وهل ستكون هناك فرصة فى الزواج منها أم سيكون هذا حب بلا أمل بعد أن تعرف على شخصية والدها ؟
إنفض الإجتماع للراحة لمدة ساعة واحدة على أن يعود الجميع لإستكمال باقى النقاط المطروحة فى هذا الإجتماع وخرج مراد إلى مكتبه وطلب من الساعى إحضار فنجان من القهوة وماهى إلا عدة دقائق وقد أحضر له الساعى القهوة وجلس يفكر مراد طويلاً لم يعد يشغله الآن المشروع الذى قام بتقديمه والإقتراح بتفعليه قدر إنشغال فكره بعاليا وأنه الآن قد يكون للأمور منعطف آخر لم يكن يتوقعه وبينما كان مراد منهمكاً ويسرح بخياله سمع صوت هاتف المكتب فرفع السماعة ووجدها سكرتيرة المدير العام تطلب منه الحضور لمكتبه فى أمر عاجل ، وضع السماعة وترك فنجان القهوة وعدل ثيابه وتحرك مسرعاً إلى مكتب المدير العام وهناك إستقبلته السكرتيرة الخاصة به وأدخلته إلى المدير العام ، توجه مراد إلى السيد / مصطفى القاضى وصافحه فى حرارة وطلب المدير العام منه الجلوس فجلس مراد وهو ينظر إليه كان المدير يتابع بعض الأوراق ثم إعتدل فى جلسته وتحدث إليه فى هدوء : أنت شاب ممتاز وكل التقارير التى أمامى تقول أنك من الأشخاص الأكفاء فى العمل ولا يوجد أى شيء بخصوصك تجاه أى شخص هنا فى الشركة وبعد أن قرأت كل شيء عنك وقرأت التقرير الشامل الذى أعددته أنت بخصوص المادة الفعالة لأحد الأدوية التى نقوم بتصنيعها قررت على الفور أن يبدأ العمل بهذه التركيبة بعض الحصول على التراخيص اللازمة طبعا وقررت تعيينك مدير القسم الذى أنت تعمل به تقديراً من الشركة لعملك واجتهادك فيه ، فرح كثيراً مراد وشكر المدير كثيراً على جميل ما قاله عنه وإن هذا لشرف كبير أن يسمع هذا الكلام عنه من شخصية مهذبة ومرموقة مثله ، وشكر المدير العام مراد وأشار له بالإنصراف بعد أن أبلغه أن القرار سيتم عرضه بعد قليل فى الإجتماع وسيتم تنفيذه بعد الإجتماع مباشرة ، قام مراد وصافح المدير العام وإنصرف وهو فى قمة السعادة لأن هذا ما كان يتمناه منذ وقت طويل فلقد عمل فى هذه الشركة منذ أربع سنوات كان يجتهد فيها بكل حماس وتفانى فى العمل ليصل إلى هذه المرتبة والمرحلة فى حياته العملية ، خرج مراد عائداً إلى مكتبه وجلس يفكر بعض الوقت فالفرحة قد أنسته عاليا وما الذى قد يحدث بعد كل هذا ؟ كان والدها شخص جدير بالإحترام ولكن هذا على مستوى العمل وليس على المستوى الشخصى ولا يدرى كيف سيطلب منه يوماً الزواج من إبنته ، طرد مراد كل هذه المخاوف والتساؤلات من رأسه ثم استعد لإستكمال الإجتماع و عاد مرة أخرى لغرفة الإجتماعات وبعد ساعات إنتهى الإجتماع بالعديد من القرارات أهمها على الإطلاق القرار الخاص بمراد وهنأه الزملاء كثيراً على الترقية وتمنوا له النجاح والتوفيق ومن بعيد نظر مراد إلى المدير العام فوجده يبتسم له فحياه بإيماءة من رأسه وخرج مراد مسرعاً لمكتبه ليجمع كل شيئ فيه لأن مكتبه قد تغير وأصبح فى مكان آخر بجوار مكتب المدير العام فى نفس الطابق ومضت ساعة أو يزيد وقد جمع كل أغراضه وأتى الساعى لينقل كل شيئ للمكتب الجديد ومن هناك إتصل مراد بوالدته وأخبرها بالقرار السعيد وأنه سيحكى لها حين عودته على باقى الأمور ومضى الوقت سريعا وأنتهى وقت العمل وخرج مراد من مكتبه فوجد المدير العام أمامه مباشرة فسلم عليه وسأله إن كان يريد منه شيئا قبل الإنصراف فشكره ولم يطلب منه أى شيئ وخرج مراد سريعاً لسيارته وتوجه إلى منزله القريب من مقر عمله وأوقف سيارته بداخل الجراج الخاص بالعمارة التى يسكن فيها وصعد فى المصعد إلى شقته ودخل فوجد أخواته وأمه وأبيه فى إنتظاره وسلم عليهم وهنئوه على الترقية الجديدة وجلس معهم قليلأ ثم دخل لغرفته لينام بعد أن أخبر أمه بأنه سيحكى لها فى الغد باقى الكلام الذى دار فى الشركة ، ودخل لغرفته مراد وغير ملابسه وتوجه مباشرة إلى الفراش ثم راح فى سبات عميق .
عاد والد عاليا إلى المنزل منهكاً من كثرة التقارير والإجتماعات ودخل فوجد عاليا وسلمى فى غرفتيهما واستقبلته زوجته بالترحاب ودخلت معه لغرفه النوم وقامت بتجهيز حماماً دافئا له وقالت له لقد أنتهيت من تحضير العشاء لتأخذ حمامك وستجدنا فى غرفة الطعام ، طبع قبلة رقيقة على جبينها وشكرها وخرجت زوجته لتنادى على إبنتيها ولتكمل تحضير العشاء وما هى إلا دقائق قليلة وقد إنتهت من كل شيئ وقد قامت إبنتيها بمساعدتها فى تجهيز كل شيئ ، وخرج والد عاليا وجلس معهم ليتناولوا سويا الطعام وبعد أن إنتهوا من تناول العشاء قامت عاليا وأختها لإحضار الشاى وبعض الحلويات ، وجلسوا لمشاهدة بعض الأخبار على شاشة التليفزيون وسألت عاليا والدها : هل إجتماع اليوم مر بسلام ؟ وهل هناك جديد فى الشركة يا أبى ؟ رد عليها والدها بالطبع كان اليوم حافلاً وكانت هناك قرارات كثيرة تم تفعيلها ، أهمها بالنسبة لى تعيين أحد الأشخاص مديراً لقسم هام فى الشركة ، فهو شاب مجتهد جداً فى عمله والسيرة الذاتية التى قرأتها عنه تدل على عبقريته ونبوغه فى مجاله وهو خريح كلية الصيدلة بالمناسبة ، ولكنى لا أتذكر أسمه الآن من كثرة الأسماء التى ترددت أمامى اليوم ، وسيكون لك وظيفة محجوزة فى القسم الذى يعمل به لأنك سوف تحظى بفرصة مناسبة للتعلم منه ، ابتسمت عاليا قائلة : لأنتهى من الإمتحانات أولاً ثم بعدها لننظر فى هذا الأمر يا أبى وأنا أعرف أنك لن ترتضى لى وظيفة لا تليق بى ، قال لها أبيها : بالتأكيد يا حبيبتى ، هيا الآن لتنامى فالوقت قد تأخر وعندى الكثير من العمل فى الغد ، طبعت قبلة على جبهة أبيها وقامت إلى غرفتها وأغلقت الباب خلفها ، وهى تحلم بالوظيفة التى قد تنتظرها فى المستقبل القريب ، ووضعت رأسها على الوسادة وراحت فى سبات عميق .
استيقظ مراد فى الصباح وخرج كعادته فى موعد عمله وأتجه إلى الشركة حيث مكتبه الجديد وهناك وجد فى إنتظاره طلب من المدير العام بعمل موازنة سريعة لإحتياجات القسم من مواد وأفراد ليكون العمل فى أفضل حال ، قرأ الورقة التى وجدها مراد على مكتبه وفتح جهاز الحاسب الآلى الخاص به وأستغرق فى العمل ولم يستغرق سوى ساعة واحدة وقد أتم كل شيئ و نسخ المعلومات المطلوبة على إسطوانة مدمجة ورفع سماعة الهاتف بجواره واتصل على مكتب المدير العام فأجابته السكرتيرة بأن المدير العام متواجد منذ قليل وفى إنتظار البيانات التى طلبها منه ، أغلق الهاتف وخرج مراد من مكتبه إلى مكتب المدير العام ودخل لمكتب سكرتيره وطلب منها أن تعطى الأسطوانة للمدير العام وأخبرها بأنه على إستعداد لمناقشة أى شيئ فيها وخرج سريعاً من المكتب وعاد لمكتبه ليكمل عمله فى هدوء وإنتهى اليوم فى رتابة ولم يحدث أى شيئ وعاد مراد إلى منزله فى المساء واستمر اليوم فى هدوء ولم يحدث فيه أى جديد حتى الساعات الأولى من اليوم التالى ودخل مراد لغرفته لينام .
استيقظت عاليا فى الصباح وهى تنوى الذهاب إلى الجامعة لحضور أخر محاضرة قبل بداية الإمتحانات وتناولت طعام الإفطار بسرعة ونزلت إلى الجامعة ووصلت قبل موعد المحاضرة بخمس دقائق ودخلت إلى هناك لتجد صديقتها رحاب وجلست بجوارها لتستمع إلى شرح الدكتور ومضت الساعة سريعاً وأنتهت المحاضرة وخرجت رحاب وعاليا إلى الكافيتريا الخاصة بالجامعة وهما يتحدثان عن الإمتحانات والمذاكرة واتفقا على أن يتقابلا بعد يومين عند عاليا بالمنزل لمراجعة المواد التى سيتم الإمتحان بها وقبل أن تمشى عاليا سألتها رحاب: هل هناك أى جديد عن الشاب الذى قابلتيه هنا فى آخر مرة تقابلنا سوياً ، نظرت لها عاليا بدهشة وهى تقول لها : وما الذى أتى به على خاطرك الآن ؟ أنا لم أتحدث إليه منذ أخر مرة تكلمنا فيها سويا فلا أجد وقتاً للحديث وكل ما يشغلنى الآن هو النجاح وبتقدير كبير يا رحاب، أبتسمت رحاب وقالت فى بساطة : وما الذى يمنع أنا لا أقول لك أن تتحدثى معه كل يوم أنا أسال فقط لأنى لاحظت فى المرة الماضية أنه شديد الإهتمام بك من نظرات عينيه ومن إسلوب الحديث ، قاطعتها عاليا : لا يوجد أى شيئ يا رحاب فأنت الصديقة المقربة لى وتعرفينى جيداً وحتى لو كان هناك أى إعجاب له فأنا لا أفكر سوى فى الدراسة الآن فقط ، هيا بنا لنمشى الآن وبعد إن ننتهى من الإمتحان لنتكلم فى هذا الموضوع ، انصرفت عاليا وتركت رحاب وعادت إلى منزلها وقد بدأ كلام رحاب يدور فى رأسها هل فعلا شعرت رحاب من نظراته بالإهتمام تجاهها ؟ رمت عاليا كل شيئ خلفها وصعدت لمنزلها ودخلت مسرعة لغرفتها وأبدلت ثيابها وخرجت لتتناول الطعام مع الأسرة ثم عادت لغرفتها لتكمل المذاكرة ومرت الساعات دون أن تشعر عاليا وقد غلبها النعاس فقامت إلى فراشها ونامت.
مرت عدة أيام وبدأت عاليا الدخول فى الإمتحانات ومرت الأيام سريعاً وإنتهت من هذه الفترة وما هى إلا أيام قليلة وظهرت النتيجة وقد نجحت بتقدير جيد جدا وكانت فرحتها كبيرة جدا وأتصلت على والدها سريعاً لتبلغه بالنتيجة وقالت له : أنتظرنى قريبا معك فى الشركة كما وعدتنى يا أبى وهنأها والدها وأخبرها بأنه سيتحدث معها حينما يعود للمنزل وأغلقت الهاتف وأسرعت إلى المنزل لتبلغ أختها وأمها بالنتيجة ووصلت سريعاً وكان اليوم فى منتهى الروعة وأكتمل بعودة والدها وقد أحضر لها هدية سيارة جديدة بمناسبة نجاحها وكان اليوم بأكمله البيت كله فى سعادة وأنتهى بطلب والدها من عاليا أن تحضر إليه بعد يومين فى الشركة لتكليفها بالوظيفة التى كان قد وعدها بها ، صرخت عاليا من الفرحة وأخذت تقبل والدها وأسرعت إلى غرفتها وهى تُمنى نفسها بتحقيق حلمها بالعمل مع والدها فى شركته وأتصلت بصديقتها وأخبرتها بما حدث وهنأتها رحاب على هذه الوظيفة وأنها لابد وأن تقوم بدعوتها على الغذاء بمناسبة هذه الوظيفة ووعدتها عاليا بأنها ستنفذ لها طلبها فى القريب جدا وأغلقت عاليا الهاتف وهى سعيدة جدا وأبدلت ملابسها واستغرفت فى نوم عميق .
مرت عدة أيام والعمل فى الشركة لا يزال على ما يرام ومراد يبلى بلاءً حسنا فى عمله ويقدم كل يوم تقريره للمدير العام ولم يكن هناك أى إتصال بينهم فى الفترة الماضية وكان مراد قد عكف على تطوير أحد أنواع الأدوية و أخبر المدير العام أنه سيكون أمامه التقرير النهائى خلال يومين ، وفى بداية اليوم التالى حضر مراد إلى مكتبه ودخل فى هدوء وبدأ ينهى على جهاز اللاب توب الخاص به أخر اللمسات على تقريره النهائى الذى سيقدمه إلى المدير العام بعد ساعة من الآن ومد يده إلى فنجان القهوة الموجود أمامه وتناوله فى سرعة وهو ينهى العمل وتم بالفعل إعداد التقرير النهائى بالبيانات اللازمة ويتوقف فقط على الجانب المالى الذى سيقوم المدير بإسناده بعد الإطلاع على التقرير للإدارة المالية وبعد أن إنتهى من تقريره رفع سماعة الهاتف بجواره وأتصل بمكتب المدير فردت عليه السكرتيرة الخاصة به فأبلغها بأنه يريد مقابلة المدير حسب الموعد المتفق عليه لإعطائه التقرير النهائى وأخبرته بأن المدير سيكون جاهز لإستقباله بعد نصف ساعة من الآن ، شكرها مراد وأغلق الهاتف وأنهى سريعاً كل شيئ وأخذ القرص الصلب الذى عليه البيانات وقام بطباعة التقرير أيضا وماهى إلا دقائق قليلة وخرج مراد من مكتبه وأتجه إلى مكتب المدير العام واستقبلته السكرتيرة وقامت بإصطحابه إلى مكتب المدير ودخل مراد إلى المدير العام ووقف المدير العام ليصافح مراد وطلب منه الجلوس وطلب له الساعى فقام مراد بطلب فنجان قهوة وطلب المدير أيضا فنجان قهوة وانصرف الساعى وقام المدير من خلف مكتبه فوقف مراد فأشار إليه بالجلوس وأستدار وجلس فى مواجهة مراد وأبتسم وهو يأخذ من مراد التقرير النهائى ووضعه على المكتب وأخبره أنه سيقوم بمراجعته وسيخبره بما سيتم فيما بعد ، ابتسم مراد وشكره جدا وفجأة سمع طرقات خفيفة على الباب وفتحت السكرتيرة الباب وفجأة رآها أمام عينيه ولم يصدق عينيه إنها عاليا ، أصابته الدهشة وهو يراها تدخل بسرعة للمكتب ثم تسلم على المدير وتقوم بتقبيله فى فرح ومرح واندهش مراد لما يراه وقبل أن يتحدث بكلمة سمع المدير يقول لها : حبيبتى عاليا مرحبا بك يا إبنتى ! كانت مفاجأة كبيرة إنها إبنة المدير العام بالفعل لقد صدق حدسه وتأكد بأن عاليا فعلا هى إبنة المدير العام , وفجأة إنتبهت عاليا لتواجد مراد أمامها وقبل أن تنطق قال المدير : مراد هذه إبنتى عاليا ولقد تخرجت منذ أيام قليلة وستكون معك فى الفريق المساعد لك وستكون تحت إدارتك أنت شخصياً وذلك لأنى أثق فيك بشدة فهل لديك أى إعتراض على هذا ؟ مرت بعض الثوانى ساد فيها الصمت المكتب وفجأة إبتسم مراد وقال له : بالطبع لا يوجد يا سيدى وسيكون من دواعى سرورى, إرتاح المدير وتهللت أساريره وفرحت عاليا بشدة وبدأت تسرح بخاطرها بأنها ستكون مع مراد فى نفس المكان ونفس المكتب وستقترب منه كثيراً إنها الأقدار التى جمعت بينهما ونظرت إلى مراد وهى تبتسم له وتقول له سيكون من دواعى سرورى أن أتشرف بالعمل معك يا دكتور مراد فأنت الأول على دفعتك بالجامعة وأنت المثل الأعلى للكثير من طلاب الجامعة نظر إليها والدها مندهشاً وهو يقول لها هل تعرفى الدكتور مراد من قبل ؟ قالت له بسرعة: إنه من أشهر الأطباء المعروفين للجميع فى الكلية عندنا يا أبى ولو فكر بالإستمرار فى التدريس هناك كنت سأكون من الذين أسعدهم الحظ للدراسة على يديه ، ابتسم مراد وقال فى هدوء وخجل : أشكرك جدا هذا كثير جدا وأشعر بالخجل من هذا الإطراء الزائد ، صافح مراد المدير وأخبره بأنه سيكون عند حسن ظنه وطلب من عاليا أن تكون فى الموعد المحدد فى الغد لكى تتعرف على طبيعة عملها فى الشركة وأستاذن منهم وخرج وهو لا يزال يصدق عينيه فالفتاة التى يحلم بها أصبحت معه وجواره من اليوم يا للمصادفة الغريبة والعجيبة وهو الذى كان يفكر كثيراً كيف يتصل عليها ليتحدث معها ويخبرها بأنه يحبها وأنه معجب بها منذ أول يوم تقابل معها فيه ، ولكنه توقف فجأة عن التفكير وتذكر أمراً هاماً جداً " المدير العام " إنها إبنة المدير العام فكيف سيكون له أن يتحدث معها ويخبرها بحقيقة مشاعره وفجأة أظلمت الدنيا أمام عينيه وجلس على مكتبه وهو ينعى الحظ الذى ظن أنه قد إبتسم له حينما أنهى هذا التقرير وأنه سيتحدث مع عاليا ليخبرها بإعجابه وفجأة سمع طرقات على باب مكتبه ورآها أمام عينيه تقدمت لداخل المكتب ومدت يديها لتسلم عليه فقام سريعاً إليها وطلب منها الجلوس ولكنها أخبرته بأنها ستمشى مع والدها ولكنها أرادت أن تمر عليه لتسلم عليه قبل أن تمشى ابتسم مراد وقال لها أنا سعيد جدا بمقابلتك اليوم عاليا وأتمنى أن تكونى كذلك مثلى ابتسمت عاليا فى خجل وقالت له : بالطبع يا مراد أنا سعيدة جدا للقائك لنكمل غدا الكلام لأنى سأمشى الآن وسلم عليها مراد وضغط برفق على يديها فتوردت وجنتيها خجلاً وأسرعت للخارج ، ووقف مراد مكانه للحظات وهو لا يصدق عينيه أن عاليا كانت معه وأنه رأى الحب فى عينيها حينما صافحها ولامست يديه يديهاً وأخذ القرار بأنه سيقول لها بانه يحبها وليكن ما يكون ، عاد لمكتبه وأغلق كل شيئ ثم أنصرف هو الآخر .
مضت عدة أيام وعاليا تتابع العمل مع مراد ولم يكن هناك أى فرصة للحديث الجانبى لأن مراد كان ينتظر إنتاج الدواء الذى قام بوضع التركيبة الخاصة له وحينما ظهر أول إنتاج طلب مراد من عاليا أن يتناول معها الغذاء فى أى مكان بمناسبة نجاح التركيبة الجديدة ووافقت عاليا على الفور فهى كانت تنتظر فى شدة هذا الأمر وكانت قد عقدت العزم على أن تستشف من خلال الكلام معه هل بالفعل هو يحبها أم هذا شعور من جانبها فقط ؟، أنهت عاليا العمل بمكتبها ومراد هو الآخر أكمل عمله وخرج ليقابل عاليا فى الممر المؤدى لمكتبه ووجدها أمام عينيه كانت قد نزعت المعطف الأبيض الذى كان دائما يراها به وكانت ترتدى فستاناً أسوداً وتركت شعرها ينسدل على كتفيها تشعر وكأن فينوس آلهة الجمال قد أتت فى هذا المكان وأقترب منها ونظر مراد فى عينيها فشعرت بالخجل من تركيز نظراته على عينيها وقال لها: هيا بنا لأننى لم أتناول أى شيئ منذ الصباح وخرجا معاً واستقلا سيارة مراد إلى مطعم قريب من الشركة وجلست عاليا ومن بعدها مراد وطلب منها مراد أن تطلب له على ذوقها طعام الغذاء فابتسمت وقالت له : قد لا يعجبك إختيارى يا مراد فابتسم وقال لها لا تقلقى فأنا يعجبنى الكثير فيك يا عاليا وليس ذوقك فقط ، شعرت عاليا بالحرارة تجتاح جسدها فكلمات مراد توحى بالحب حقاً وإعتراف غير مباشر بحبه وإهتمامه بها ، فأمسكت قائمة الطعام وأختارت له ولها نفس الطعام و أنصرف الجرسون ونظر لها مراد فى حب وحنان وقال لها : عاليا أريد أن أخبرك بشيئ هام للغاية ولم أعد أطيق أن أنتظر أكثر من هذا فأنا بالفعل أخذت الكثير من الوقت والتفكير قبل أن أتحدث بهذا الأمر ، ردت عليه عاليا : تكلم يا مراد فأنا منصتة إليك , مد مراد يديه ولامست أصابعه يديها وقال وهو ينظر فى عينيها بصوت دافئ حنون : أنا أحبك يا عاليا ومنذ أول يوم رأيتك فيه وأنا أشعر بالقرب منك وأشعر أن قلبى قد وجد كل ما يبتغى فيك أنت وشكرت ربى كثيراً حينما شاءت الأقدار أن أعمل هنا وأن أراك هنا ونعمل سويا ً فى نفس المكان بل فى نفس القسم ولم أعد أتخيل نفسى بدونك يا عاليا ، كان مراد قد أمسك بيديها فى رفق وحنان ولم تعترض عاليا لأنها كانت تبغى هذا الإعتراف منذ وقت طويل وقد كان لها ما أرادت وفجأة قطع الجرسون هذه اللحظات العاطفية وقد أحضر الطعام فأحمرت وجنتيها خجلاً، وترك مراد يديها وتراجع فى مقعده قليلاً وبدأت عاليا فى تناول الطعام ومراد ينظر إليها بين الحين والآخر وهى تنظر أيضا إليه وبعد أن أنتهوا من الطعام وقبل أن يقف مراد للإنصراف مسكت عاليا بيديه وقالت له فى خجل : أنا أيضا أحبك يا مراد وكنت أنوى إخبارك بهذا الأمر لأنى لم أعد أستطيع كتمان ما بداخل قلبى وخاصة حينما أصبحت بقربك فى العمل ، إبتسم فى حب مراد وهو يقول لها هذه أسعد لحظة فى حياتى يا عاليا ، هيا بنا وسنكمل الحديث فى السيارة وخرجا سوياً من المطعم وقال لها مراد : اليوم هو أجمل يوم فى حياتى يا عاليا لقد أنتظرت طويلاً والآن أصبحنا سوياً يا عاليا ولن يفرقنا شيئ سأتحدث مع والدك وسأطلب منه الزواج بك فى أقرب فرصة ولكن لابد من تمهيدك له قبل أن أتحدث معه ، ردت عاليا : لا أعتقد أن والدى قد يعترض عليك يا مراد فأنت شاب مهذب جدا وعلى درجة عالية من الكفاءة فى العمل وأيضا تتمتع بسيرة ذاتية رائعة لا يمكن أن يرفضك أى شخص أبداً ، نظر فى حب إليها وهو يقود سيارته إلى منزلها ووضع يديه على يديها وهو يقول لها : هذا كثير جدا يا عاليا أشكرك جدا لهذا الكلام الجميل بحقى سأخبر أسرتى بالأمر اليوم ولتخبرى والدك بالأمر وليكن الخميس القادم بأننى سوف أحضر إلى منزلك لطلب يدك منه يا عاليا ، ابتسمت عاليا وأشارت برأسها علامة الإيجاب والموافقة ووصلت إلى منزلها ونزلت من السيارة وسلم عليها مراد قبل أن تصعد إلى منزلها سمعته يقول لها لا تنسى يا عاليا وأراك غدا فى المكتب ، لوحت له بيدها عليا وصعدت إلى منزلها فى سعادة كبيرة وهى تمنى نفسها بالزواج من الشخص الذى أنتظرته طويلاً وتحرك مراد عائداً هو الآخر إلى منزله وهو فى منتهى السعادة ويتمنى أن يوفقه الحظ حتى تكتمل فرحته بمباركة أهله وأهل عاليا بالزواج ووصل مراد لمنزله ودخل سريعاً فى فرح وهو يكاد يطير من السعادة وأبدل ثيابه سريعاً وخرج إلى أمه وباقى أسرته ووقف والجميع يشاهد أحد الأفلام وقال لهم فى سعادة : أسرتى الجميلة لقد قررت أخيراً الزواج ، تهللت أسارير الأم والأب وأخته وأخيه وسألته والدته عن صاحبة السبق التى إستطاعت تغيير فكره وحركت مشاعره وقلبه فأخبرها مراد بأنها عاليا الفتاة التى حكى لها عنها قبل ذلك أخذته أمه فى أحضانها وهى تقبله وتبارك له وقال لهم مراد أنه قد حدد يوم الخميس القادم موعداً لزيارة أسرتها وطلب يدها من والديها ، ربت والده على كتفه وهو يقول له : يبدو أنك فى عجلة من أمرك وتريد أن تتزوج سريعاً ليكن يا مراد ما تريد فأنت لن تحتاج للكثير من الوقت لإتمام الزفاف فكل شيئ عندك الشقة ولن يتبقى سوى القليل لتجهيزها ، ابتسم مراد وقال له : نعم يا أبى ربى يبارك لى فيكم فأنا لن أحتاج الكثير للإستعداد للزواج ، سأترككم الآن لأنى أريد الراحة قليلاً وتركهم ودخل لغرفته وهو يمنى النفس بالزواج من عاليا ودخل إلى فراشه وأخذ يفكر قليلاً ولكن أحداث اليوم جعلته ينام ويذهب فى سبات عميق .
دخلت عاليا إلى منزلها وهى فى منتهى السعادة وقابلت والدتها واحتضنتها وهى تقبلها وهى تقول لها : باركى لي يا أمى لقد وجدت فارس الأحلام الذى كنت أنتظره منذ زمن بعيد ولقد إعترف لى بحبه لى وأنا اليوم فى أسعد لحظات عمرى ، ابتسمت والدتها وهى ترى الفرحة فى عين إبنتها وقالت لها عاليا : لتخبرى والدى أنه سيأتى فى الخميس القادم مع عائلته لطلب يدى يا أمى وأتمنى أن ينال رضاكم فهو إنسان مميز جدا وأنا أحبه يا أمى وهو أيضا يبادلنى نفس المشاعر بل وأكثر يا أمى ، أخدتها بين ذراعيها وهى سعيدة بفرحة إبنتها ودخلت عاليا إلى غرفتها وهى فى منتهى الفرح والسعادة وأبدلت ملابسها وجلست تفكر فى كلام مراد وصوته الدافئ فى مسامعها وهو يقول لها " أحبك يا عاليا " تنهدت تنهيدة طويلة وبعدها استسلمت للنوم .
تقابل مراد وعاليا فى الصباح فى العمل وسلم عليها مراد وهو يقول لها : هل تعلمين أنى أصبحت أشتاق لك وأنتظر الوقت الذى سأحضر مع أسرتى لطلب يدك يا عاليا ، ابتسمت فى خجل وهى ترد عليه وأنا أيضا أنتظر هذا اليوم بفارغ الصبر مثلك تماما يا مراد ، ربت على يديها مراد وهو يقول لها فى حب :سيأتى قريبا يا حبيبتى وسنكون معاً يا عاليا ، شعرت ببعض الخجل بعد أن سمعته ينطق بكلمة حبيبتى وقالت له سأمرعلى مكتبى للنظر فى بعض الأمور الفنية وتركته وأسرعت خارج مكتبه ووقف ينظر إليها وهى تسير أمامه فى سرعة وابتسم مراد فهو شعر بالحب الجارف لها وهى أيضا تبادله نفس المشاعر وفجأة خطر على باله سؤال هام للغاية : هل يوافق والد عاليا على طلب الزواج منها ؟ هل يرحب بالأمر ولا يفكر أنه يريد الزواج من إبنته لأن والدها من الأثرياء وصاحب أكبر مجموعة لشركات الأدوية بمصر بل فى الشرق الأوسط وهو ميسور الحال ولكن ليس فى نفس المستوى الإجتماعى الذى تعيش فيه عاليا ولكنه طرد هذا الهاجس من رأسه قليلاً وترك الأمر لحين المقابلة التى ستكون بعد يومين وبدأ فى متابعة بعض التقارير التى أمامه ومر الوقت سريعاً ولم يشعر مراد بالوقت إلا وهو يرى عاليا تقف أمام الباب وهى تقول له : هل ستبقى طوال اليوم هكذا لقد حان وقت الإنصراف يا مراد ؟ رفع عينيه إليها وهو يقول لها فى إرهاق واضح على ملامحه لقد إنتهيت من العمل ولكنى لم ألاحظ مرور الوقت سأغلق كل شيئ وأنصرف ولكن هل ستأتى معى لتوصيلك للمنزل ؟ رددت عليه عاليا وهى تقول له مع الأسف سأغادر مع والدى فهو هنا اليوم وهى فرصة للحديث معه عنك وعن مقابلة يوم الخميس يا مراد أراك قريبا يا حبيبى وتركته وأنصرفت فى سرعة وأغلق مراد مكتبه وأنصرف وهو يفكر طوال الطريق فى رد فعل والد عاليا فى أمر الزواج منها ووصل للمنزل ودخل كالعادة لغرفته وأبدل ثيابه وأخذ حماماً دافئاً سريعاً وخرج لتناول العشاء مع الأسرة وبعد أن فرغوا من تناول الطعام نادى والد مراد عليه وسأله عن أسرة الفتاة التى يريد الإرتباط بها فأخبره مراد بكل شيئ عن عاليا وعن أسرتها وبعد أن إنتهى من كلامه نظر إليه والده وهو يقول له فى هدوء : أنت تعلم جيداً أنى قد ربيتك تربية جيدة ولم أتهان يوماً فى عمل أى شيئ لك أو لأخواتك لتعيشوا حياة سعيدة هادئة ولكن يا ولدى ألم تفكر فى الفرق الكبير بين مستوى عائلة هذه الفتاة وبين المستوى الذى نعيش فيه وأن هذا الأمر قد يكون عقبة فى إتمام هذا الزواج يا مراد ، سكت مراد قليلاً ثم نظر لوالده وقال له إن هذا الأمر هو أكثر ما يشغل بالى يا أبى ولكنى قد تعاملت مع والدها وأغلب الظن أنه لن يعترض لأنه يشجعنى فى العمل كثيراً ويثق جدا فى قدراتى العملية وقد يكون هذا شهادة فى حقى عنده ولأ أعتقد يا أبى أنه قد يرفض لأنه رجل وقور جدا وعملى أيضاً وينظر للأمور بواقعية ووقف مراد وقال لوالده ليكن ما يكون يا أبى فى الوقت المناسب ولتكن إرادة الله عزوجل هى التى ستحكم هذا الأمر وأستاذن من والده ودخل لغرفته وهو يفكر بشدة فى كلام والده وهو الذى بالفعل يشغل باله وتفكيره وأسند رأسه على الوسادة ووجد عينيه تتثاقل فأطفأ نورالغرفة ونام .
مر يومان وكان الموعد المحدد فى السابعة من مساء الخميس وحضر مراد وأسرته إلى منزل عاليا واستقبلهم والد عاليا فى ترحاب وود وإحترام وشد على يد مراد وهو يقول له : إذن فأنت زوج إبنتى المنتظر فأبتسم مراد فى هدوء ، وقال سيكون هذا هو أجمل حدث فى حياتى يا عمى ، جلس الجميع ودخلت عاليا وهى ترتدى ثوباً جميلاً فضفاضاً لونه وردى وجلست بجوار والدتها وهى تنظر إلى مراد فى خجل فقالت والدة مراد " ما شاء الله يا مراد إن عاليا فى منتهى الجمال " ابتسمت عاليا بخجل وتحدث والد مراد إلى والد عاليا : نحن هنا اليوم لطلب يد إبنتكم الغالية لإبنى مراد فهل طلبنا ينال رضاكم وموافقتكم أم لديكم رأى آخر ؟ نظر والد عاليا إلى إبنته وهو يفكر فى قرارة نفسه أن هناك فوارق كبيرة فى المستوى بينها وبين مراد ولكن نظرة واحدة لعين إبنته وهو يرى السعادة تطل من عينيها لم تجعله يفكر سوى بالموافقة وقال هذا من دواعى سرورى وأنا أعرف مراد منذ فترة وكنت أتابعه عن قرب فى العمل وقرأت عنه الكثير وقد جمعت بعض المعلومات الخاصة به دون أن يعرف قبل تقديمه لمشروعه الخاص منذ فترة وحينما تكلمت والدتها معى منذ أيام عنك وأخبرتنى أنك أنت الشاب الذى يريد الزواج من عاليا ومن وقتها زاد السؤال عنك وعن أسرتك ووجدت فى الحقيقة أنكم على جانب كبير من الإحترام والتقدير وأنكم عائلة ممتازة ولكن بالطبع هناك فارق فى المستوى المادى بين مراد وعاليا ، وهنا شعر مراد بالخطر وبالقلق قبل أن يكمل والد عاليا كلامه ولكننى أرغب فى زوج يسعد إبنتى بغض النظر عن الأمور المادية وأنا منذ أن ألتحقت عاليا بالعمل فى الشركة معك يا مراد وأنا أشعر بسعادتها الكبيرة لذا لا أستطيع أن يكون ردى على طلبك سوى بالموافقة تهللت أسارير الجميع وتعالى صوت الزغاريد وأتفق مراد مع والد عاليا على سرعة الزواج وأن الشهر القادم سيكون موعداً مناسباً لإتمام الزواج لأنه لا يوجد أى شيئ يدعو للتأخير فوافق والد عاليا على طلبه وساد الفرح والسرور فى المنزل وأخرج مراد من جيبه علبة صغيرة بها خاتماً من الماس ووضعه فى أصبع عاليا كانت مفاجاة جميلة للجميع فلم يكن مراد قد أخبر أحداً بما ينوى فعله كانت عاليا فى قمة الفرح والسعادة وهى تنظر فى حب وحنان لعينى مراد بعد أن ألبسها الخاتم فى أصبعها وقالت له " أحبك " فإنحنى مراد وقبل يدها فى حنان ورقة وقال لها : اليوم هو أجمل أيام عمرى لأنى منذ أول يوم ألتقتيك فيه أصبحت غريقاً فى بحر هواك يا عاليا وسأظل معك لنهاية العمر فحبى لك دائما وللأبد .
النهاية
بقلمى / الفيلسوف ( على محمد )
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق