قصة / المنزل رقم ( 17 )
تأليف / الفيلسوف ( على محمد )
توقفت سيارة أجرة أمام منزل قديم فى أحد أحياء القاهرة القديمة ونزل منها رجل فى الثلاثينات من عمره وبعد أن أعطى السائق أجرته كاملة أخذ حقيبة يده وحقيبة ثيابه من السيارة وسار قليلاً بها وأخذ ينظر يمينا ً ويساراً باحثاً عن المنزل الذى يقصده وأستوقف أحد المارة فى الشارع الذى يكاد لا يمشى فيه أى شخص وسأله من فضلك أين أجد المنزل رقم ( 17 ) سمع الرجل إسم المنزل وبدا الإرتباك واضحاً عليه وبدأ يتلعثم بالكلام وهو يقول له : لماذا تسأل عن هذا المنزل فهو منزل مهجور ولا يسأل عنه أى إنسان قاطعه فجأة قائلاً لا تتدخل فيما لا يعنيك إن كنت تعرفه أخبرنى عن مكانه أو إمضى فى حال سبيلك ، رد عليه الرجل وهو لا يكاد يصدق عينيه أن هناك من يسأل عن هذا المكان الذى يعرفه سكان المنطقة بالمنزل المهجور هناك فى آخر الشارع على اليسار تجد هذا المنزل ولكن من أنت ؟ أرى إنك غريب عن هذا المكان قال له : أنا أحمد صالح فواز ووالدى صاحب هذا المنزل الذى أسال عنه ولقد تركوا المنزل منذ سنوات واليوم عدت لأبقى هنا فى منزلى القديم قال له الرجل أرجوك لا تبقى هنا فالمكان خطير جدا والشائعا ت كثبرة حول هذا المنزل ، تركه أحمد وأنصرف دون أن يستمع إليه وكأنه لم يسمع منه أى شيئ واتجه مباشرة إلى المنزل كان المنزل الوحيد فى هذه الناحية منزل وحيد وكأن المنازل كلها قد انعزلت عنه ووقف أمام المنزل قليلاً وكان الليل قد هبط سريعاً وأصبحت الساعة العاشرة مساءً تقريبا كان المنزل بالفعل كما قال له الرجل مهجوراً وكأن الناس قد رحلت عنه منذ مائة عام ، فتح باب المنزل وصعد درجات السلم وهو يتذكر إتصال والده به ومحاولة منعه من البقاء هناك وأخبره أن هناك حادثة حدثت فى هذا المنزل منذ سنوات حيث حدث حريق فى الطابق الأخير من المنزل أدى لوفاة طفلين بسبب ماس كهربائى حدث فى هذه الشقة ومن وقتها والكل لا يسكن فى هذا المنزل ومن بعدها تناثرت الشائعات عن حدوث بعض الأشياء الغير طبيعية بالمنزل وسماع أصوات غريبة جعلت الكل يغادر المنزل حتى والده ترك المنزل وذهب للبقاء مع أخيه الأصغر فى مدينة الأسكندرية هناك ولكن أحمد أصر على البقاء فى هذا المنزل الذى شهد أيام جميلة فى طفولته واتفق مع زوجته على المعيشة هناك فى هذا المنزل بعد عودتهما من السفر هى وإبنه الصغير وكان قد سبقهم بعدة أيام لترتيب كل شيئ وتوقف أمام الشقة طويلاً وفتح الباب ودخل للشقة كان الأثاث مغطى بالعديد من الأقمشة لتحافظ عليه من الأتربة ودخل أحمد للمكان وشعر ببعض الرهبة من المكان ولكنه كان مثقفاً لأكثر حد ممكن ولا يؤمن بمثل هذه الخرافات وفتح أحمد النوافذ كلها لتهوية المكان من هذه الرائحة ووضع حقيبة يده على مائدة فى الصالة وأخذ الأخرى ودخل بها لحجرة النوم الكبيرة ووضع الحقيبة بجوار السرير وجلس ليلتقط أنفاسه من عناء الطريق وكل ما سمع قبل أن يدخل لهذا المنزل وفجأة سمع أحمد صوت يأتى من غرفة النوم الأخرى فقام من مكانه وذهب إليها وبعد أن فتح باب الغرفة توقف الصوت تماماً وساد صمت رهيب على المكان خرج أحمد من الغرفة ودخل للمطبخ لم يجد شيئ وفتح الحمام لم يكن هناك أى شيئ ثم عاد مرة أخرى للمطبخ ليضع ما أحضره من طعام معه فى الثلاجة ويقوم بإحضار كوباً من الشاى وسمع صوت صرخة مكتومة من الصالة فأسرع أحمد خارجاً إلى هناك فلم يجد شيئ فأخرج من حقيبة يده جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص به وقام بتشغيل بعد من أيات القرآن الكريم وعاد مرة أخرى للمطبخ وتسمر مكانه قبل أن يخطو للداخل فكل ما كان على طاولة المطبخ لم يعد موجوداً وكأنه تبخر فجأة تصبب أحمد عرقاً من فرط الذهول ودخل للمطبخ يبحث فى كل مكان عن الطعام وكوب الشاى الذى أعده ولكنه لم يجد أى شيئ خرج مذهولاً وعاد للصالة أخذ جهاز اللاب توب معه لغرفة النوم وهناك وضعه بجواره وفتح النافذة ونظر إلى الخارج كان الشارع ساكناً بشكل موحش ولا يمشى فيه إى إنسان وقرر أن يعود ليحضر كوباً من الشاى مرة أخرى ودخل أحمد ولكنه تسمر فى مكانه فكل الطعام الذى إختفى كان فى مكانه وكوب الشاى الذى كان قد أعده على الطاولة والبخار يتصاعد منه وكأنه قد تم إعداده حالاً ، بدأ الخوف يظهرعلى ملامح أحمد من كل ما مر به أخذ كوب الشاى ودخل لغرفته مرة أخرى وبدأ يرتشف من كوب الشاى وفجأة وقعت عينيه على ورقة صغيرة بجوار الدولاب الكبير الموجود بالغرفة قام أحمد من مكانه وفتح الورقة كانت ورقة مهترئة وكتب فيها " الرحيل أو الجنون والموت " ارتجف أحمد حينما قرأ هذه الكلمات وقرأها مرة أخرى وأخرى ثم قام بتمزيق الورقة لقطع صغيرة وألقى بها فى سلة قريبة من جانب الدولاب وخرج ليغلق باب الشقة وعاد لحجرة النوم وأخذ يفكر فى كل ما يراه وما حدث من أن وطأت قدميه هذا المنزل وهل لابد أن يرحل من هذا المكان حقاً أم يبقى وسمع أحمد صوت طرقات خفيفة على باب الشقة سرعان ما تزايدت الطرقات على الباب وقام مسرعاً وهو ينادى من بالباب ! من هناك من على الباب ؟؟ لم يجد رداً فتح أحمد الباب ولكن لم يكن هناك أى مخلوق على الباب لم يسمع أحمد فى هذا الليل سوى صوت الهواء البارد فى هذه الليلة الشتوية الباردة ودخل للشقة وأغلق الباب خلفه وهو يتصبب عرقاً من شده الخوف ودخل لغرفته مرة أخرى وهنا سمع أحمد صوت آذان الفجر فقام للحمام وتوضأ وصلى الفجر ونام بعدها أحمد من شدة الإرهاق والتعب وراح فى نوم عميق ، استيقظ أحمد فى اليوم التالى ونظر للساعة كانت قد تجاوزت الثالثة عصراً وقال لنفسه لقد نمت كثيراً من شدة التعب قام أحمد وخرج إلى الحمام وتوضأ ليصلى ثم دخل للمطبخ ليقوم بإعداد بعض الطعام وتناول الطعام بسرعة وخرج إلى الشرفة ونظر إلى الشارع كانت بعض أصوات السيارات فى المكان قرر أحمد بعدها النزول إلى الشارع لإحضار بعض الأطعمة والمشروبات من السوبر ماركت المجاور للمنزل وبينما يرتدى ملابسه نظر إلى سلة المهملات وتسمرت يديه وهو يربط حذائه فالسلة لم يكن بها أى أثر للورقة التى مزقها بالأمس وهى كانت مكانها لم تتحرك ولو خطوة واحدة ، نزل أحمد مسرعاً وهو يفكر فى ما حدث وبينما ينزل درجات السلم سمع صوت طفل صغير يبكى بصوت مرتفع نظر خلفه وحوله لم يكن هناك أى شيئ خرج من المنزل وذهب إلى السوبر ماركت واشترى كل ما يريد وقبل أن يخرج من السوبر ماركت سأل صاحبه عن منزله " المنزل رقم 17 " بدا الأرتباك على الرجل وهو يقول له نحن هنا منذ فترة طويلة ولم يكن هناك أى إنسان به منذ أن غادره صاحبه وابنه إلى الأسكندرية بعد حريق الطابق الرابع والذى توفى فيه اثنين من الأطفال أثر حريق مروع وماتت الأم بالحسرة والألم على وفاة طفليها ومن وقتها ترك الناس هذا المنزل ومن وقتها لا نسمع إلا بعض الأصوات والصرخات فى الليل ولكن لمذا تسأل عن هذا المنزل ؟ تركه أحمد بعد أن دفع ثمن المشتريات التى إشتراها منه وأسرع الخطى بعد أن دخل الليل وبدأ السكون يغلف المكان ودخل أحمد للمنزل وبدأ يصعد درجات السلم ولكنه توقف فجأة فهناك أمامه وقفت قطة صغيرة سوداء اللون وقفت تنظر إليه وعينيها تلمع فى الظلام بشكل مخيف ، ولكن أحمد تمالك قواه وصعد مباشرة دون الإلتفات إليها ودخل الشقة مسرعاً وقلبه يخفق بشدة وأغلق الباب خلفه وقام بوضع الأشياء كلها بالمطبخ وخرج ليدخل غرفته وقبل أن يخطو داخل الغرفة سمع صوت أنين يأتى من داخل المطبخ فعاد سريعاً ونظر فى أرجاء المكان ولم يجد أى شيئ ولكن كانت النافذه مفتوحة نظر من خلالها لم يجد شيئ فقام بإغلاقها وخرج أحمد ليتوضأ ويصلى وبعد أن فرغ من الصلاة جلس فى الصالة على كرسى مريح ونظر حوله فى المكان وتوقف بصره عند أحد الأرفف والتى كان عليها كتاب لم يكن أبدا حال الشقة يسمح بتواجد مثل هذا الكتاب هنا كان يبدو جديداً من الخارج وفتح أوراقه الصفراء التى تبدو وكأنه تم طباعته منذ مائة عام ، تعجب أحمد من هذا الكتاب وفتح الغلاف وبدأ الخوف يتسرب لقلبه حينما رأى عنوان الكتاب وقال بصوت خفيض " الرحيل أو الجنون والموت " تعجب كثيراً وتوجه بالكتاب إلى غرفة النوم وتوقف فجأة فهناك أمام باب المطبخ وقفت تلك القطة التى رأها على السلم ولكن كيف دخلت إلى هنا والمكان كله مغلق ودخلت إلى المطبخ وتابعها وبدأ يسير نحو المطبخ وهو يرتجف فى شدة وكأن تلك القطة تريد منه اللحاق بها ودخل للمطبخ مسرعاً خلفها ولكنه تسمر أمام باب المطبخ فلم يكن هناك أى أثر لها ولم يكن هناك أى مكان لتخرج منه بدأ الخوف الشديد يعتريه وخرج من المطبخ وهو لا يزال يمسك الكتاب ودخل لغرفته وسمع صوت الهواء البارد يرتطم بالنافذة من الخارج وبدأ يفتح أول صفحات الكتاب سمع صوت خطوات تجرى بالخارج رمى الكتاب على السرير وخرج بسرعة إلى الخارج ولكن لم يكن هناك أى شيئ فى أى مكان من الشقة وعاد ودخل للغرفة وتوقف فى مكانه بمجرد دخوله فهناك حيث رمى الكتاب لم يكن هناك أى شيء أخذ أحمد ينظر فى كل مكان حوله وتسمرت عيناه هناك على أحد الأرفف لقد كان الكتاب هناك مد يده ليلتقط الكتاب وهو يرتجف، ولكن كيف وصل إلى هذا المكان ؟ جلس أحمد على السرير وبدأ يفتح الكتاب مرة أخرى وإستوقفته كلمات تم كتابتها بخط اليد على غلاف الكتاب من الداخل وبدأ يقرأ بصوت مرتفع : لا تحاول الإقتراب من هذا المكان ، الرحيل أمر حتمى والبقاء نهاية ولا عزاء لمن يمتنع عن الرضوخ للأمر وأخيراً الرحيل أو الجنون والموت ، وفجأة إنقطع النور وساد ظلام دامس الغرفة وأخذ يتحسس بجانبه ليجد الكشاف الصغير ولكنه سمع خطوات فى الخارج نفس الخطوات المتسارعة وكأن هناك أطفال تلعب فى الخارج فقام فى خوف للخارج وهناك على ضوء الكشاف الصغير رآها تلك القطة الصغيرة كانت تقف فوق الطاولة فى منتصف الصالة وكانت تنظر إليه فى تحد واضح وعينيها تومض فى الظلام فبدأ الخوف يتملكه وحاول أن يسير إليها ولكنه تسمر فى مكانه ولم يستطيع الحراك وفجأة أضاء النور المكان ووضع يديه على عينيه من شدة الضوء ونظر أمامه على المائدة ولكنها لم تكن هناك ولم يكن هناك أى أثر لها فى المكان تحرك لينظر فى كل مكان ولكن بلا جدوى، دخل إلى غرفته وهناك جلس ليلتقط أنفاسه وهو مضطرب فى شدة ورعب وعقله يعمل بسرعة ونظر جواره ليجد الكتاب فى مكانه لم يتحرك وكل شيئ يبدو هادئاً وقرر حينها أن يصعد فى الغد فى الصباح للطابقين العلويين ليرى عن قرب كل ما يحدث هناك وخرج ليغلق جميع الأبواب والنوافذ جيداً ثم تمدد فى سريره وبدأ النعاس يداعب عينيه ولكن سمع فجأة صوت الفطة فنظر حوله ولم يكن لها أى أثر وأرتجف وانتفض فى مكانه فهناك جواره لم يكن هناك الكتاب لم يكن له أى أثر ، قأم بترديد بعض الآيات القرانية ثم قام بتشغيل القرآن الكريم حتى هدأت أنفاسة ثم غلبه التعب ونام فى سكون ، استيقظ أحمد فى الصباح مبكراً ودخل ليأخذ حماماً دافئاً وبعد أن خرج قام بإعداد كوب من الشاى وتناول طعاماً خفيفاً وأخذ يبحث بعدها فى المنزل عن مفاتيح الطوابق العليا وبعد بحث طويل وجد والده قد وضعها فى أحد أدراج المكتبة الموجودة بالصالة أخذ المفاتيح وفتح الباب وبدأ يصعد درجات السلم وتوقف أمام الشقة بالطابق الثالث وفتح بابها ودخل لم يكن فيها أى شيئ ولا قطعة أثاث واحدة فى المكان ودخل إلى الغرف الموجودة بالشقة ولم يكن هناك أى شيئ يلفت الإنتباه وأغلق باب الشقة وصعد للطابق الأخير الذى كان قد أحترق تماماً كما سمع من قبل من الناس ومن والده ودخل فى ترقب وخوف إلى الشقة كان السواد قد غطى الحوائط بالكامل ولم يكن سوى بعض الكراسى القليلة وهناك فى المطبخ بعض زجاجات المياه الفارغة ثم إتجه لغرفة الأطفال والتى أحترقا فيها الطفلين من الماس الكهربائى والذى أدى لوفاتهما ووفاة الأم من بعدهم بسبب الحزن والحسرة على الطفلين التوأم وعمرهما الخامسة من العمر والأب بعدها دخل لمستشفى الأمراض النفسية ، وفتح أحمد الباب وبدأت الدهشة والذهول والهلع على وجهه فلقد رأى هناك مالم يكن يتوقعه أبدا ، لقد كانت الحجرة مرتبة وفيها الكثير من ألعاب الأطفال والحوائط مطلية بدهانات لها شكل جميل والكثير من الصور تزين الحوائط وكأن الحجرة تزينت لأصحابها وأن هناك من يلعب فيها كل يوم وفجأة سمع خطوات بالخارج خرج مسرعاً ينظر بالخارج لم يجد شيئ وعاد مرة أخرى ودخل الغرفة ووجد الكرسى الهزاز يتحرك وكأن هناك من يجلس عليه أمسك الكرسى بيديه وخرج من الغرفة ومن الشقة كلها مسرعاً ودخل لشقته وأيقن أن هذا المنزل بالفعل به لعنة بسبب موت هذين الطفلين ، نزل للشارع بعد أن أغلق الشقة وذهب إلى محل للإتصالات لتيصل على والده ليطمئن عليه ويسأله عن بعض الأشياء ومن قد يكون السبب فى وفاة الطفلين ومن ترك الأسلاك فى هذه الغرفة دون غطاء ليحدث هذا الماس الكهربائى ويحدث هذا الحريق المروع ، رد عليه أبيه لا تجادل يا ولدى ولتترك كل شيئ هنا وتأتى لتستقر معى أنا وأخيك الأصغر فالمكان عندك غير مأمون وانا أخاف عليك كثيراً ، فاطعه أحمد فى هدوء لا تقلق يا أبى ستكون الأمور على ما يرام بلغ سلامى لكل من عندك وأغلق الخط ومشى أحمد عائداً للمنزل وفى قرارة نفسه أنه سيقوم بترميم هذا المنزل واحيائه مرة أخرى بعد أن تأتى زوجته من السفر وتذكر كلمات والده لا تحاول البقاء مع إبنك هناك فكل الأطفال التى تدخل هنا لا تعود وتختفى يا أحمد ، وصل أحمد للمنزل وهو لا يشغل باله سوى حلم ترميم هذا المنزل الذى قضى فيه أجمل أيام حياته قبل أن يسافر لينهى دراسته فى كليه الهندسة فى إنجلترا وتزوج هناك من مصرية تدرس الطب ورزقهم الله إبن جميل فى الخامسة من عمره الآن كان الجو لايزال نهاراً وقرر الصعود مرة أخرى للطابق الأخير قد يجد ما يعطيه بعض الأمان ولكن بلا جدوى نفس الأشياء فى مكانها وأغلق الباب ونزل لشقته ولكن توقف فجأة أمام باب الشقة بالطابق الثالث لقد كان الباب مفتوحاً وسمع فى الداخل بعض الأصوات والهمهمات إقترب من الباب ودخل للشقة ولكن توقفت الأصوات بمجرد دخوله للشقة نظر طويلاً داخل الشقة ولم يجد شيئ فخرج مسرعاً وأغلق خلفه الباب ونزل لشقته وجلس فى الصالة يلتقط أنفاسه وشعر ببعض الإرهاق ودخل لغرفته ليتمدد فى سريره وأغلق عينيه ونام ، فتح أحمد عينيه فوجد المكان شديد الظلام ولا يوجد بصيص لضوء فى الغرفة كلها وأخذ يبحث جواره عن مصباحه الصغير ليضىء المكان أمسكت يديه بيد لطفل صغير نعم كانت يد إنسان صغير فأنتفض فى مكانه وأسرع ليضئ النور ونظر حوله لم يكن هناك أى أثر لأى شيئ تصبب عرقاً وبدأت دقات قلبه تعلو فى شدة لم يخطئ ما شعر به أحمد ولم يكن هذا بالحلم وألتفت يمينا ويساراً فوقعت عينيه على القطة فى ركن الغرفة جوار النافذة توقف أحمد فى مكانه دون حراك وأنطفأت الأنوار فجأة فأنتابه رعب شديد ولكن لم يستغرق طويلاً وعادت الأنوار للمكان ولكن القطة أختفت من مكانها هنا أيقن أحمد أن هذا المنزل بالفعل به شيئ ملعون وسمع خطوات تجرى فى الخارج خرج من الغرفة للصالة يبحث عن أى شيئ ولكن كالعادة لم يجد أى أثر لأى شيئ وقبل أن يعود رأى عند باب غرفة الأطفال لعبة أطفال صغيرة على شكل طفل صغير التقطها أحمد ونظر إليها فى تعجب ورعب ووجد بها من الداخل ورقة صغيرة أخرجها وفتحها ليرى ما بها فوجد بها ثلائة كلمات ( الرحيل .. الجنون .. الموت ) تجمد أحمد فى مكانه ومر اليوم دون أن يحدث أى شيئ وكأن أصحاب المكان قد قرروا أعطائه بعض الراحة فدخل لغرفته ونام فى سكون ،خرج أحمد مبكراً فى اليوم التالى وكان الجو ممطراً وشديد البرودة وهناك بالقرب من المنزل رأى مسجداً صغيراً فدخل للمسجد الذى كان بابه مفتوحاً وصلى ثم بعد أن فرغ من الصلاة توجه نحو شيخ كبير يجلس فى هدوء فى مقدمة المسجد يقرأ القرآن فسلم عليه أحمد وتحدث معه عن المنزل الذى يقيم فيه وهل هناك حقاً العفاريت والأشباح فى هذا المكان ؟ وهل بالفعل هناك أصوات وصراخ تسمعها الناس من داخل المنزل رد عليه الشيخ فى هدوء : يا ولدى أنت تعلم جيداً أن كل هذه الأشياء لا تحدث ولكنى أسمع مثل غيرى من الناس هنا عن بعض الأشياء غير الطبيعية فى منزل الحاج / صالح فواز ولانه هذا المنزل مهجور منذ زمن طويل من الممكن حدوث أى شيئ فيه ، أنت إبن الحاج صالح الأكبر لقد كبرت كثيراً لقد تعرفت عليك الآن ألم تعرفنى انا الشيخ مصطفى الذى كنت دوما تلعب عند بيته أنت وأولاد الشارع وكنت دائما أصرخ فيكم لتذهبوا بعيداً عن البيت ، تذكره أحمد وابتسم وقال له حقا لقد تذكرت ولكن أخبرنى هل يوجد حل لما يحدث هناك أنا أريد إعادة ترميم هذا المنزل لأسكن فيه أنا وزوجتى وإبنى لأننى أعمل هنا فى القاهرة وزوجتى أيضاً ولن أستطيع الذهاب كل يوم إلى الأسكندرية والعودة ، رد الشيخ مصطفى عليك دوما بتشغيل القرآن الكريم فى المنزل وسيحفظك شكره أحمد وخرج من المسجد وهوفى حيرة كان المطر قد توقف فى الخارج وراح يمشى فى الشارع ودون أن يشعر إلتفت أحمد إلى المنزل ورأى هناك فى أعلى المنزل طفل صغير ينظر إليه من شرفة نافذة الطابق الثانى وهو يشير إليه من بعيد ، وأسرع أحمد الخطى إلى المنزل ودخل لشقته ولم يجد هناك أى شيئ وقرر الصعود مرة أخرى للطابق الأخير واستجمع شجاعته وفتح الباب ليصعد درجات السلم فى ترقب وخوف كان النهار لا يزال يضئ المكان وفتح الباب ودخل فى ترقب وخوف وهناك أمام عينيه وجد ما لم يكن يتوقعه أبدا
لقد تغيرت الشقة من الداخل لقد تحول اللون الأسود على الجدران إلى اللون الأبيض وفيها رسومات كبيرة كلها صور أطفال تلعب وألعاب صغيرة تنتشر فى كل مكان وفجأة سمع صوت طفل ينادى من غرفة الأطفال : أمى .. أمى .. أمى ..انصت أحمد للصوت وقلبه كاد يتوقف من شدة الرعب حينما سمع من داخل المطبخ صوت يرد على الطفل : أنا هنا يا أحمد سأحضر حالاً، وقع أحمد على الأرض من شدة الخوف والرعب وتمالك قواه وأخذ يجر قدميه ليصل إلى غرفة الأطفال وصوت الطفل لا يزال فى أذنيه وفتح الباب وأمتقع وجهه من الرعب لقد تحولت الجدران كلها للنون الأسود وكل ما فيها محترق ويتصاعد بعد الأبخرة والدخان القليل منها فخرج مسرعاً للمطبخ ليرى الأم التى كانت تجيب على الطفل ولم يجد هناك أى شي سواها ـ تلك القطة الصغيرة رأها هناك على نافذة المطبخ تنظر إليه وبعدها قفزت من النافذة ولم يستمع بعدها أحمد لأى صوت فى المكان ، أخذ أحمد يستجمع قواه وقام لينزل إلى الشقة وأغلق كل الأبواب والنوافذ وبدأ يسمع بعض الأصوات والهمهمات فى الشقة كلها فأسرع لتشغيل القرآن فى المكان كما قال له الشيخ / مصطفى وهنا توقفت كل الأصوات فى رأسه وجلس وهو يلهث من فرط الخوف والذعر الذى تملكه ، لقد سمع الأم والطفل ولم يكن يتخيل هذه الأصوات وفجأة انطفأت الأنوار وبدأ يشعر بأنفاس تأتى بالقرب منه ومد يده ليلتقط المصباح ولكنه تذكر انه تركه فى الخارج فقام من مكانه ليبحث عنه ولكنه سمع صوت يأتى من آخر الغرفة فى صوت منخفض آرحل ..آرحل .. الجنون .. الجنون .. الموت .. الموت ..وسمع ضحكات لطفل صغير وقفز من مكانه وخرج يبحث عن المصباح فتعثر وهو يخرج من الغرفة ووقع على الأرض وأرتطمت رأسه بالكرسى بالخارج وبدأ يفقد الوعى وقبل أن يغلق عينيه رأى الطفل أمامه ولكن كان الوجه بلا عيون وأعلق عينيه ولم يعرف كم بقى فاقداُ للوعى ولكنه استيقظ ليجد نفسه فى سريره فزاد خوفه ورعبه لقد وقع فى الخارج فمن أحضره للداخل ؟ حاول القيام من مكانه ولكنه كان يشعر بالدوار ووضع يده على رأسه وتسمرت يديه فوق رأسه وهو ينظر فى المرآة أمامه لقد كان هناك ضمادات تلف رأسه والدماء تظهر عليها ، زاد خوف أحمد من هذا المنزل قام أحمد ليدخ للمطبخ ليصنع كوباً من الشاى وكانت المفاجأة التى جعلته لا يستطيع الوقوف فهناك على المائدة كان طعام الإفطار مجهزاً والشاى يبدو البخار يتصاعد منه ، وسمع بعدها بعض الأصوات فى الطابق الأعلى فهناك من يسحب بعض قطع الأثاث وهو يعلم أن هذه الشقة لايوجد بها أى أثاث تقدم نحو المطبخ وجلس على الكرسى وتناول بعض الطعام وقام ليصعد للطابق الأعلى ليرى ماذا هناك وخرج من المطبخ ليجد القطة الصغيرة تجلس على طرف النافذة وحينما أقترب منها قفزت من النافذة ، تمالك قواه ودخل لغرفته ليرتدى ثيابه لينزل وفتح الدولاب ووجد على الدولاب من الداخل ورقة مكتوبة بخط كبير : الرحيل .. الجنون ..الموت .. أرتدى ثيابه بسرعة ونزل ليتصل بوالده ويحكى له ما حدث معه وطلب منه الأب أن يترك المنزل ويسافر إلى الأسكندرية فرفض أحمد لأن زوجته ستأتى اليوم بعد قليل من السفر وهو ينتظرها الآن وسيرى ماذا يفعل بعدها وأغلق المكالمة ، نظر إلى ساعته أحمد كانت قد تجاوزت الثالثة عصراً ورأى من بعيد سيارة تتوقف امام الشارع حيث نزل حينما حضر إلى هذا المنزل ونزلت من السيارة زوجته دعاء وإبنه كريم الذى كان فى الخامسة من عمره فأسرع إليهم وأحتضن إبنه فى حب وشوق ونظرت إليه زوجته فى لهفة وخوف وهى ترى رأسه وقد غطتها الضمادات وسألته على ما الذى حدث له فقال لها سأحكى لك كل شيئ ليس الآن يا دعاء ومضى معها هو وأبنه إلى المنزل دخلوا جميعا ودخل ابنه كريم قبلهم وأسرع يبحث فى كل أرجاء المكان فى لهفة طفولية عن أى شيئ يلعب به ودخل أحمد وبعده دعاء ووضع الحقيبة فى الصالة وفجأة سمع صوت كريم يأتى من غرفة الأطفال فأسرع إليه هو وأمه وتجمد مكانه أحمد لقد رأى مالم يكن يتوقعه أبداً ، لقد كانت الغرفة ممتلئة بالكثير من الألعاب ولقد تغيرت ألوانها ويوجد على الحوائط صور كثيرة للأطفال فأسرع يأخذ إبنه وهو ينادى على زوجته لتتبعه إلى غرفته وأغلق الباب من خلفه فى إحكام و أخذ يحكى لها على كل ما رآه منذ أن وطأت قدميه هذا المنزل وبدأت ملامح زوجته تتحول للرعب والخوف وكريم جوارهم يلعب دون ان بقهم أى شيئ ثم سمع أحمد صوت إبنه يقول له : أبى .. أبى .. أنظر هناك وأشار بيده إلى نهاية الغرفة وهناك رأى أحمد ودعاء الطفل الصغير الذى رآه أحمد من قبل ولكنه هذه المرة مكتمل العيون وهو يبتسم ، فأسرع كريم إليه فى عفوية وقأم أحمد بسرعة يلحق بإبنه وفجأة أختفى الطفل من أمام العيون وكأنه لم يكن هنا وبقى الخوف والرعب يسيطر على أحمد ودعاء ، فصرخت دعاء فى زوجها ماهذا الذى يحدث هنا وماذا يدور فى هذا المنزل الملعون الذى تريد لنا أن نبقى فيه معك ؟ ألا تخاف علي نفسك وعلينا أنا وأبنك يا أحمد ؟؟ كان كل شيئ يقول أنه لابد من الرحيل فعلا من هذا المكان ، قال لها أحمد فى الصباح سنمشى يا دعاء من هذا المكان كل شيئ هنا أصبح مخيف ، سمع أحمد صوتاً عاليا يأتى من الخارج حاول الخروج ولكنه لم يتمالك قواه من فرط ما شاهد خلال هذه الأيام وبدأ الأضواء تخفت قليلاً وسمع صوت لطرقات على باب الغرفة فبدأ الخوف واضحاً على زوجته وعلى إبنه كريم الذى احتضنته أمه فى خوف وهلع عليه فقام أحمد ومسك فى يده عصا كبيرة كان قد وجدها جوار الدولاب فى غرفة الأطفال وفتح الباب بسرعة ولكنه لم يجد أى شخص فى الخارج وسمع صوت الهواء البارد يأتى من نافذة الصالة فخرج أحمد فى حذر إلى هناك لكى يغلق النافذة ووصل إليها أحمد واغلقها وبينما يلتفت خلفه رأها تقف أمام عينيه تلك القطة السوداء وهى تقف فى طريقه لغرفة النوم ووقفت فى تحد مستفز له حاول أحمد أن يرفع العصا التى فى يديه ولكنه لم يكن يملك الجرأة لفعل هذا ولكنه أشار إليها بالعصا فبدأت عينيها فى البريق وكأنها تحاول الدفاع عن نفسها فزاد خوفه أكثر وأكثر وأخذ يصيح فيها بإنفعال وبدلا من أن تمشى من أمامه قامت بأغرب شيئ لم يكن يتوقعه أحمد لقد دارت حول نفسها وتوجهت بهدوء إلى هناك إلى غرفته وكانت دعاء تحاول مع كريم لكى ينام ودخلت الحجرة وفجأة رأى الباب يُغلق أمام عينه وكأن هناك شخص قد أغلقه من الداخل فأخذ يطرق الباب كثيرا وكثيرا وحاول أن يكسر الباب دون جدوى وبالداخل رأت دعاء القطة أمامها فجأة ورات الوميض بعينيها ولم تتمالك نفسها من الرعب فوقعت على الأرض وإبنها بين ذراعها وقبل أن تذهب عن الوعى سمعتها وهى تنطق الرحيل .الرحيل . الجنون .الجنون .الموت . الموت .. وفقدت القدرة على الكلام والصراخ وفقدت وعيها وهنا شعر أحمد بالباب وكأن هناك من فتحه من الداخل وأسرع للغرفة فوجد زوجته ملقاة أمامه وابنه بين يديها ولم يكن هناك أى أثر لهذه القطة الملعونة أو أى شيئ صرخ أحمد فيها وحاول أن يوقظها وأخذ من بين يديها كريم ووضعه على السرير وحاول معها مرة أخرى حتى أستردت وعيها واخذت تصرخ وتصرخ بصوت عالى وهى تقول لقد تكلمت هذه القطة يا أحمد لقد سمعتها تردد كلمات الرحيل .. الجنون .. الموت .. لقد رأيتها تنظر لى وكانها تعرف وتشعر بكل ما حولها لا يا أحمد لن أستطيع البقاء هنا بعد الآن ولن أنتظر حتى الصباح سأمشى الآن لن أنتظر حتى يموت إبنى فى هذا المنزل الملعون أخذ يهدأها أحمد وهو ينظر فى كل مكان حوله خوفاً من ظهور أى شيئ مرة أخرى هدأت زوجته وقامت لترتاح على السرير فعاد سريعاً إليها وجلس يفكر فى كل ما يحدث وكل الأمور التى تحدث لهما وبدأ يفكر فى قرار الرحيل عن هذ المنزل بعد أن تشبث بفكرة ترميمه والبقاء فيه وبينما كان يفكر أحمد لم ينتبه إلا وزوجته تضع يدها على كتفه وقالت له وهى منهكة القوى ،سأبقى معك يا أحمد أينما تكون وسأظل جوارك لتهدأ قليلاً ، انتبه إلى أن كريم ليس هنا فسألها عنه قالت أنه ذهب لينام فى غرفة الأطفال بين الالعاب الكثيرة وفجأة سمع صوت كريم يصرخ من الخارج فأسرع إلى الغرفة ليجد ما لم يتحمله بشر لقد وجد إبنه معلق فى الهواء والطفل يبكى فى شدة وأخذت دعاء تصرخ فى رعب وهى تبكى على إبنها وجرى إليه أحمد فسقط كريم بين أحضان أبيه وخرجوا فى سرعة إلى الغرفة الأخرى والطفل يبكى فى شدة وزوجته لم تعد تتحمل كل ما يحدث قال لها أحمد فى الصباح سنترك هذا المكان يا دعاء ، وفجأة سمع صوت خطوات بالخارج وأصوات ضحكات الطفل فى كل مكان وبدأ يشعر بالحرارة فى المكان وفجأة وجد دخان يتسرب من خلال باب الغرفة فقام بسرعة ليفتح الباب ليجد النيران فى كل مكان والشقة كلها ممتلئة بالدخان والنيران أخذت تصرح دعاء ولا تزال أصوات الضحكات فى كل مكان وفجأة شعر أحمد بالمياة تنهمر على المكان من الخارج فلقد رأى الناس كل ما يجرى بالخارج وأتت سيارات الأطفاء لتحاول إخماد الحريق وقام رجال الإطفاء بأخراجهم من المنزل وسيارة الاسعاف أتت لتأخذ زوجته وأبنه الذى أصابهم الكثير من الدخان وأودعهم السيارة ونظر للخلف فوجد هناك فى الطابق الأخير الطفل يشير إليه وهو يبتسم ورأى تلك القطة الصغيرة بجواره والمنزل كله كان قد تحول إلى اللون الأسود من شدة الحريق وسمع صوت الطفل . الرحيل .. الجنون .. الموت نظر إليه وإلى المنزل قبل أن تسير سيارة الإسعاف ورأى المنزل وقد أتت النيران عليه ولم يتبقى سوى رقم المنزل الرقم ( 17 )
النهاية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق