السبت، 19 يناير 2019

طباشير طفل بقلم الشاعر / كرم الدين ارشيدات

طباشير  طفل
لكرم الدين ارشيدات
ما زال ذاك الطفل في داخلي
بعفويته بشقاوته
يرفض أن يكبر
يسحبني إلى أحلام الفتى المراهق
الفتى اليافع
ويسرد لي أحلام البراءة
أحلام الطفولة التي لم تكبر 
حتى وإن كبرنا
وأحلام الطفولة ما زالت كما هي
مليئة بالحب
وكأنها لوحات رسمت على ورق
متقنة بريشة فنان
أبدعت مخيلته برسم الاحلام
ويرسم حبي الأول على طبق من كرتون
يرسمها
دون زيادة أو نقصان
ومعها تتفتح مخيلتي
لكتابة حلم يجمعني انا وهي
حلم اليافعين المراهقين
مليء بالخربشات
خربشات مليئة بالخطوط الحمراء
خربشات طباشير طفل
طباشير ملونة تسرد حكايا  بشتى
ألوانها
يحاكيني عنها
واكاد اسمع صوتها من بين كل الأصوات
يناديني
بحبيبي
كلمة اهتز لها كل كياني
حبيبي
كلمة كافية لتسرق النوم من عيوني
عيون فتى طائش يسمعها لأول مرة
من فتاة احلامه
رسمت على ورق
طباشير طفل مازال في داخلي
فتاة لم يراها إلا كما رسمتها طبشورته
وكانت لمسة يدها هي بمثابة حلم كبير
يدوم لأيام وأيام
أتخيل كيف يكون احساسي
عند ملامسة يدها
وكيف يتدفق الدم في عروقي
كبرنا وذاك الطفل ما زال طفلا لم يكبر
وما زالت طباشيره تسرد حكايا نفسي
التي ما زالت في داخلي
كبرنا واخذتنا السنين
وذاك الطفل يأبى أن يغادر مكانه
يرسم بطبشورته من سكنتني
واحتلت عالمي
 يرسم نظرات الخجل في عيونها
يتقن التعبير عن إحساسه بطبشورته أكثر مني
يرسم عينيها
ويخط بإتقان أوصاف شفتيها
وكأنه يقول تلك هي الشفاه التي بها قبل الحياة
هو اشعلني دونما ادري
هو قد يكون وضع يده على الجرح
جعلني أتخيل واتخيل
واتوه في متاهات كيف لي أن اتجرأ وأقبل شفتيها
كيف لي أن اتذوق طعم حياة لم يسبق لي معرفتها
كيف وكيف
هو كبلني بسلاسل العجز
ووضعني على مفترق طرق
أجهل الاتجاهات به
حتى المرة الأولى لا أعرفها
ولم يسبق لي الخوض بها
وا مسك بطبشورته مرة أخرى وأخذ يرسم خطوطا متعرجه
خطوطا متشابكة
ومتعرجة تحكي قصة معشوقة
كانت مرسومة بلون الطباشير
احتضنها وتسللت إلى جسدي لتستقر بأعماقي
لتعيش بداخلي
وعندها علمت معنى كيف لانثى أن ترتمي بأحضان من تحب
وكيف تتغلغل في أعماقه وتسكن روحه
علمت معنى الإنسانية الصماء التي رسمها ذاك الطفل بطبشورته
ذاك الطفل صاحب الطبشورة هو انا
في زمن لم أكن أعرف به معنى الخوف
ولا يوجد شيء أخاف من أجله سوى أحلامي
ورسوماتي التي كانت تتحدث عن مكنونات ذاك الطفل
صاحب الطبشورة
ذاك الطفل الذي رسم مدوناتي بكل أمانة وإخلاص
ورسم احرفي وكلماتي بكل عفوية
وتحدث عن حبي بكل قوة بوقت كنت أنا به بمنتهى الضعف
هو كان وما يزال أقوى مني بإرادته
بعزمه بتصميمه
هو أجاد الوصف بطبشورته
علمني كيف يبقى عبق العطر يعيش مع الأنفاس ولا يزول
رسم بطبشورته اناغيم الروح عندما تعزف ترانيم الغرام
بطبشورته يترجم الخطوط إلى محاكاة الروح للروح
يرتب أبيات الغرام
يعزف اناشيد الاشواق
يجيد العزف 
العزف على قيثارة نجواي
طفل الطباشير علمني كيف أجمع الحاضر بالذكريات
علمني أن الحياة ألوان
نرسمها بخطوط متعرجه ومنحنية
ولكنها خطوط مليئة بالحب والتفاؤل
ذاك هو طفل الطباشير الذي يعيش يداخلي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق